إذا قررنا أن نختار أسماً لامعاً من بين صانعي السيارات الأكثر تطوراً وتألقاً ونمواً خلال السنوات القليلة الماضية ليستحق بموجب ذلك جائزة تكريمية على نشاطه وتطويره لحرفة صناعة السيارات من خلال تقديمه لأفضل الطرازت بمستوى جودة عالي وعملانية وعملية واقتصادية وقوة أداء وبأسعار منافسة، صدقوني بأننا جميعاً سنتفق على الصانع الكوري هيونداي ليكون في المقدمة وليستحق منا أن نرفع له القبعة احتراماً!

شركة هيونداي وكلنا يعلم ذلك، انتقلت خلال فترة وجيزة عملياً من صانع مهمش أو بالأحرى ذو اعتمادية منخفصة وثقة مهزوزة بمنتجاته حول العالم، إلى صانع محترف وموثوق بل ومنافس لأكبر الصانعين والذين باتوا يحسبون له اليوم ألف حساب، وما جعله كذلك وميزه عن غيره، هو دراسته المعمقة لأحوال السوق وإيمانه بأن مفتاح النجاح بالنسبة لأي صانع هو تقديم سلعة متفوقة بسعر منافس. وهذا بالضبط ما سارت عليه هيونداي وهذا ما يبرر أيضاً احتلالها اليوم مكانة مرموقة بكافة الأسواق خصوصاً في الشرق. وبعد نموها الكبير في فئات الميني والسيدان وحتى الـ SUV باتت هيونداي تفكر ملياً في إنتاج السيارات الفخمة والمترفة لتدخل بذلك أعلى مستويات المنافسة وتجلس على مائدة الأعمال إلى جنب الألمان مثل مرسيدس وBMW ونظرائها الآسيويين إنفينيتي ولكزس والأمريكان كرايسلر وبونتياك وكاديلاك... وبالتالي فقد أوجدت لنا هيونداي فئة جديدة تحمل اسم جينيسس على أنها فئة الفخامة لديها!

مع وصول سيارة جينيسس سيدان إلى السوق السورية أحببنا وبالتعاون مع وكالة هيونداي في سوريا مشكورة، أن نقدم لكم تجربة قيادة مفصلة عن هذه السيدان المهيبة والفخمة لأبعد الحدود. لنتعرف عليها عن قرب، حيث تتوفر بمحرك ممتاز بسعة كبيرة 3.8 لتر بدفع من العجلات الخلفية، ومجهزة بأكمل المواصفات. وتعتبر موجهة لمنافسة الفئة الخامسة من BMW وE-Class من مرسيدس وGS من لكزس وM من إنفينيتي وغيرها... ولكن بسعر أكثر بكثير من منافس 3.020.000 ل.س فقط!!

التصميم الخارجي:

قبل أن أباشر في الحديث. خطر لي وأنا أجهز للمقال أن أوجه بعض اللّكمات إلى جينيسس أثناء الكتابة مدفوعاً برد فعل عكسي على الإعجاب الهائل من قبل زوار الموقع وزملائي في فنّات بهذه التحفة الكورية أو كما يسميها البعض هيونداي Genius، ما أثار حفيظتي لأن أحبطهم قليلاً. ولكنني بصراحة لا أتوقع أن أقاوم جينيسس هذه (لأنني بدأت أُعجب بها حقاً!!).

نالت جينيسس اهتمام كبير من قبل مصممي هيونداي للخروج بتصميم يوحي بالفخامة والرقي لسيارات فئتها ويبرز تفرد ملحوظ عن أشقائه خصوصاً سيارة الأزيرا. وفالحقيقة جاء تصميمها غاية في الأناقة والفخامة ومن جميع الجوانب في حين حافظ في الوقت عينه على العديد من الخطوط الكلاسيكية المترفة والضرورية لكل سيارة من هذه الفئة.

من الأمام، كانت خطوط غطاء المحرك الطويل دائرية ناعمة وهادئة، في حين تميزت بخطين مميزين على الجانبين ونافرين يمتدان نحو الأسفل باتجاه شبك التهوية الرئيسي ومتناغمان معه ضمن شكل عام مميز للغاية. وبالنسبة للواجهة الأمامية فأبرز ما يميزها هو الشبك الكرومي الجميل والذي يضفي بدوره تفرداً وفخامة ملحوظة على مقدمة السيارة، أما الأضواء فهي أيضاً رائعة وكبيرة ومسحوبة للخلف كما أنها توحي بتصميمها قليلاً إلى مثيلاتها في فئة الـ S من مرسيدس وتحتوي في الداخل على عيون الأضواء الزينون. صادم المقدمة لا يخفي أناقته الملحوظة وقد احتل جزء كبير من المقدمة واحتوى بالإضافة إلى شبك تهوية من البلاستيك الأسود في الأسفل، أضواء كاشفة للضباب كبيرة الحجم نسبياً ومميزة في الشكل.

بالانتقال لجانب السيارة، تنتقل الأناقة معنا أيضاً من خلال الخطوط الناعمة والأنيقة والتي تعيدنا مرة أخرى لسيارات المرسيدس لتشاركها معها بالمنحى العام. ونلاحظ طول السيارة الكبير بالنظر إلى جانب السيارة ما يزيد بالطبع من جحم المقصورة في الداخل. وتتمتع جينيسس على صعيد الجانب بوجود المرايا الكبيرة وعليها مؤشرات الإنعطاف بنظام إضاءة الليد وأيضاً كان النفس الرياضي الأنيق حاضراً من خلال الإطار المميز من الكروم والذي يحيط بالنوافذ الكبيرة، كذلك مسكات الكروم للأبواب ولا ننسى طبعاً خط الكروم الكبير أسفلها. أما الإطارات فهي بدورها بتصميم راقي وجميل من الكروم بالكامل وبقياس كبير ويملئ حيز مريح من العين بـ 18".

في الخلف، النواحي المميزة في التصميم تمثلت بكل شي تقريباً مع تناسق واضح على صعيد المكونات، من الأضواء الخلفية الأكثر لفتاً للأنظار والتي تعتبر جميلة جداً في تصميمها حيث تقسم إلى قسمين ولونين أحمر وأبيض مع خاصية إضاءة الليد الحمراء. أما الصادم فهو كبير ومميز بالكروم وبأسفله فتحتي العادم المنفصلتين على الجانبين، ما يمنح منظر رياضي أنيق بشكل أكبر. الزجاج الخلفي كبير وواسع ويمنح السائق رؤية أفضل للخلف فضلاً عن الإنارة المفيدة والآتية من الخلف.

وعموماً، لا نخفي مدى إعجابنا بتصميم الجينيسس الجديدة كسيارة سيدان كبيرة من الفئة الفخمة والتي نجحت هيونداي بمنحها تصميم رائع وفخم مفعم باللمسات العصرية والجذابة لتستحق التأمل والاكتشاف، فضلاً عن نجاحها بإيجاد شخصية مستقلة لجينيسس عن شخصية هيونداي المتمثلة بشقيقاتها الأخريات، ومن ناحية أخرى يأتي ذلك سعياً من الشركة الكورية على جعل جينيسس أيقونتها المستقلة ضمن هذه الفئة على غرار نظرائها الآسيويين وأعني بالذات علامة الليكزس من تويوتا إنفينيتي من نيسان.

المقصورة:

رحابة لا محدودة... تجهيزات فخمة لا تعد ولا تحصى. بهذه الكلمات يمكننا وصف مقصورة جينيسس الجديدة.

استفادت جينيسس من نضوج هيونداي في مجال الجودة والفخامة الداخلية خصوصاً على صعيد التجهيزات المترفة وعالية الجودة. الدخول إلى المقصورة مريح جداً وبمجرد الولوج إليها نلتمس الرحابة العالية والفخامة والحداثة.

بالنظر إلى لوحة القيادة والتي تتمتع بتصميم راقي جداً ويليق بسيارة من مستوى جينيسس وتتميز بالخطوط البيضوية الناعمة وتتمتع بالجلد الفخم والذي يغطي بدوره معظم الأماكن في المقصورة.

أما لوحة العدادات، تصميمها عصري وتقليدي في نفس الوقت وتتمتع بالإضاءة الزرقاء، أما المقود فهو بحجم كبير وبتصميم كلاسيكي جداً ولكن فخم الملمس من خلال الجلد والخشب العريق الذي يكسوه، في حين يحتوي على أزرار التحكم بوظائف عديدة. وتضفي لمسات الكروم والجلد والخشب المتوفر في كل مكان لمحة فنية أنيقة ونفس رياضي مميز على المقصورة.

بالحديث عن الرحابة لا بد أن نتطرق قليلاً لأبعاد السيارة، حيث تبلغ من الطول 4975 مم ومن العرض 1865 مم ما يجعلها تتمتع بمساحات واسعة على صعيد الجلوس والحركة داخل المقصورة، ورحابة جينيسس تعتبر رائعة بحق والعملانية ممتازة وتتمثل بالجيوب العديدة والموزعة بشكل مدروس لتحتوي الحاجيات المتنوعة. أما على صعيد راحة الركوب، فهذا من اختصاص المقاعد الرائعة والواسعة من الجلد المترف والتي تمنح الراكب شعور بالراحة المترفة من خلال احتضانه بفخامتها.

بعيداً عن تصميم ورحابة المقصورة نصل إلى تقنياتها وتجهيزاتها، حيث تتميز جينيسس بثراء مميزاتها وأدائها بما يتناسب وأعلى الماركات الأوروبية والآسيوية، فهي تقدم مزيجاً فوق العادة من التقنيات وأفضل التجهيزات. والتي تشتمل على لائحة لا تنتهي! أبرزها الشاشة المتكاملة بقياس 8" ونظام الـ DVD والبلوتوث ومداخل للـ USB والـ I-Pod وAUX وزجاج خلفي واقي من الشمس يعمل بالطاقة، وواجهة لسماعات جوال بتقنية البلوتوث، ومفتاح ذكي، وزر ضغط لبدء السيارة والمقاعد بتحكم كهربائي ونظام تدفئة وتكييف فضلاً عن ذواكر لمقعد السائق، ومكيف فعال جداً جداً وهادئ للغاية!!

وعلى صعيد تقنيات الصوت فإن هيونداي قد اتحدت مع شركة هارمان- بيكر (Harman-Becker) ليقدما معاً أجود أنواع أنظمة صوت (Lexicon) الذي يعمل بتقنية (LOGIC 7) ليشعر راكبي جينيسس كما لو كانوا في قلب إحدى الحفلات، وهذا النظام تتفرد به سيارتان حول العالم هما جينيسس طبعاً ورولز رويس فانتوم.

وهناك أيضاً 8 أكياس هواء وحساسات أمامية وخليفة مع كاميرا خلفية موصولة بالشاشة والعديد من أنظمة الأمان والمساعدة على القيادة والتحكم.

أما عن صندوق الأمتعة فحدث ولا حرج لأنه يتسع لكمية هائلة من الأمتعة والحاجيات.

المحرك وعلبة السرعة:

حاولت هيونداي أن تجعل جينيسس متكاملة من جميع الجوانب، فقامت بتزويد سيارتها هذه بمحرك كبير وقوي من ست أسطوانات على شكل حرف V وبسعة 3.8 لتر، يولد هذا المحرك 290 حصاناً عند 6200 دورة في الدقيقة، أما عزمه فيبلغ 36.5 كغ.م عند 4500 دورة في الدقيقة.

ويتصل هذا المحرك بعلبة سرعات من نوع تيبترونيك من 6 نسب، تنقل الحركة إلى العجلات الخلفية الدافعة، لتنطلق هذه السيدان الكبيرة من حالة التوقف إلى سرعة 100 كم/سا في غضون حوالي 6.2 ثانية فقط!! ولتصل إلى سرعة قصوى تفوق الـ 240 كم/سا.

وكمحرك كبير لسيارة سيدان كبيرة تزن 1817 يجب أن لا يكترث المرء كثيراً لاستهلاك الوقود، ولكن جينيسس الجديدة وبفضل التقنيات المضافة لمحركها والتي منحته قوة أكبر وعملية أكبر على صعيد استهلاك الوقود. فهذه الكورية ومن خلال تجربتنا لها على الطريق السريعة بالضواحي وداخل المدينة، خلصنا إلى أنها اقتصادية جيدة بالنسبة لحجم محركها ووزنها بمقارنة مع الأرقام السابقة لنفس المحرك أو نظرائه، حيث كان معدل استهلاكها الوسطي 185 كم/20  تقريباً. ولكن كما قلنا مرة أخرى يبقى محرك كبير ومصروفه كبير نسبياً.

على الطريق:

ينتظر من يقود هذه السيارة أو من بفئتها التأدية القوية للمحرك وجو ملؤه الهدوء والفخامة في الداخل بعيداً عن ضوضاء الطريق وهدير المحرك... وهذا بالضبط ما تتقنه هيونداي جينيسس!

المقصورة معزولة بشكل ممتاز جداً ويدعم هذه العملية الزجاج العازل أيضاً. علبة السرعة سلسة جداً ومتجاوبة والسيارة قمة في الأناقة والهدوء على الطريق ولا تشعرك إلا بالراحة لدرجة أنك تتخيل أنها تعبد الطريق الوعرة والمليئة بالحفر بشكل جيد قبل السير عليه!

وقد زودت جينيسس الجديدة بنظام دفع خلفي جديد مما يجعل وزنها أقرب ما يكون للمثالية بتوزيع الوزن 48/52 بين الأمام والخلف بما يتيح التحكم في السيارة بشكل استثنائي، ودقة توجيهها. بالإضافة إلى ذلك يعزز برنامج الاتزان الإلكتروني القياسي "أهم ما أنتجته الصناعة من تقنيات الأمان والسلامة" من الثقة بالسيارة عند القيادة.

لذلك وجدنا جينيسس على الطريق غاية في الثبات خصوصاً عند المنعطفات. وعند التجاوز والمناورة والتقدم شعرنا بثقة كبيرة لأن جينيسس تستطيع التجاوز وتغيير المسار والإنطلاق بسرعة خاطفة مدعومة بمحركها القوي دون أن تزعج الركاب.

وباختصار شديد وخلاصة لكلامنا، هيونداي نجحت فعلاً في تجربة دخول عالم السيدان المترفة بجينيسس التي تستطيع بكل ثقة متابعة المسيرة التي بدأتها بنجاح ولتمهد لطرازات جديدة ومنتظره ضمن هذه الفئة، ومن ناحية أخرى أعتقد أن على باقي الصانعين والكبار منهم أن يعيدوا حساباتهم بشكل أفضل للمستقبل... لأن هيونداي آتية وبقوة مرعبة!  

 

 

 

خاص بموقع فنّات.كوم