صانع وصلت سياراته إلى كل أرجاء الأرض، ونقل الثقافة الفرنسية أينما حل ووطئ... جريء لا يشبه إلا نفسه، ويتحدى العالم بأفكاره وتصاميمه الغريبة الأطوار، يعشق الأمان والسلامة والتقنيات المبتكرة، عانى كثيراً من التاريخ، ووصل إلى حد السخرية وأحياناً إلى الإفلاس وحتى إلى درجة الخيانة الوطنية!

إلا أنه أثبت للعالم ماهيته الحقيقة، وبأنه ولِد لكي يكون بين الكبار، فرغم ما مر به من صفحات سوداء في كتاب التاريخ، استطاع أن يصعد كالصاروخ وأن يلقن العالم والتاريخ درساً في فنون الصناعة والاقتصاد، وأن يكون جزءاً هاماً ولا يتجزأ من عالم السيارات... أنه الصانع الفرنسي الأبرز والأشهر إنه رينو فخر أحفاد نابليون.

"تطور شعار رينو عبر التاريخ"

التأسيس والسنوات الأولى:

تأسست رينو في العام 1899 م على الرغم من بدأها لإنتاج السيارات في أواخر العام 1898 م، وقد تم تأسيسها على أيدي الأخوة رينو وهم لويس ومارسيل وفرديناند وصديقاهم "توماس ايغيرت" و"جوليان فير".

ويعود الفضل الأكبر في تأسيس الشركة إلى لويس الذي كان مهندس ميكانيك شاب وبارع وذكي يبلغ من العمر حينها 21 عاماً، وقد قام بتصميم عدة نماذج للسيارات قبل البدء بتأسيس رينو، وبعد التأسيس استلم هو الهندسة والإنتاج في الشركة بينما تسلم أخويه المهام الإداري والتسويقية.

"لويس رينو وهو يقود سيارته الأولى فواتوريت"

وفي 24 من كانون الأول عام 1898 أنتج الأخوة رينو وشركائهم أول سيارة حملت اسم رينو في التاريخ وكان اسمها "فواتوريت" وهي عبارة عن عربة أقرب من سيارة مزودة بمحرك بحصان واحد، وبيع النموذج الأول منها لوالد صديق لويس في نفس اليوم بعد تجربة الأول للسيارة وإعجابه بطريقة عمل هذه المركبة الصغيرة، وبلغ عدد الوحدات المباعة منها في ذلك اليوم 12 وحدة.

وفواتوريت كانت مزودة بمحرك من تطوير مهندس اسمه "دو دوان بواتون" وهو مؤلف من أسطوانة واحدة ويستطيع دفع السيارة والوصول بها إلى سرعة قصوى لا تتجاوز الـ 32 كم/سا، إلا أنها اتسمت بسهولة قيادتها نسبياً واجتيازها السلس للمدينة والانخفاض النسبي لاستهلاكها للوقود، وهذا ما دفع رينو إلى الاستمرار في إنتاجها حتى العام 1903، وتم طرح خمسة نسخ مختلفة منها.

ورأى الأخوة بعد هذا النجاح بأن الإعلان سيحسن من نسبة المبيعات لشركتهم الحديثة الولادة، وخير طريقة للإعلان في تلك الأيام لم تك الصحف أو المجلات أو التلفاز غير الموجود طبعاً في تلك الأيام! بل كانت الاشتراك في السباقات.

وبالفعل شاركت سيارات رينو بعدة سباقات وفازت بأول سباق نظم بين مدينة ومدينة وكان في سويسرا، كما اشترك كل من لويس ومارسيل بنفسهم في سباق باريس – مدريد، إلا أن الموت كان حليف مارسيل الذي تعرض لحادث أثناء هذا السباق أودى بحياته، فاعتزل لويس السباقات نهائياً، ولم يعد بعدها إلى التسابق أبداً.

وفي العام 1906 دخل عدة شركاء في رأس مال الشركة، من بينهم "فيرينس سزيزس" الفائز في أول سباق "غراند بري" على متن سيارة رينو AK 90 CV، وفي العام نفسه سيطر لويس على الشركة بمفرده بسبب تقاعد شقيقه فرديناند لأسباب صحية.

وقد عانت رينو بعدها من عديد من المشاكل الاقتصادية، بسبب الارتفاع الهائل لسعر السيارة وقتها، إذ كانت تعتبر وقتها السيارات رمزاً للترف والثراء! فثمن شراء سيارة رينو كان بحدود 3000 فرنك فرنسي، أي ما يعادل متوسط دخل عامل فرنسي عادي حينها لـ 10 سنوات! أي كما كان الحال عليه قبل حوالي عقد من الزمان في سوريا!

"دبابات رينو الخفيفة في الحرب العالمية الأولى"

ولهذا اتجهت رينو إلى سبل جديدة لتوسيع أعمالها وجني الأرباح، من خلال إنتاج سيارات التاكسي وحافلات الركاب، وصولاً إلى الطائرات والدبابات خلال الحرب العالمية الأولى، وقد ساهمت هذه الشركة الفرنسية بمعداتها الحربية في فوز الحلفاء بفضل جودة وجدارة وتطور ما أنتجت خلال الحرب، والاعتماد الكبير من قبل الحلفاء على منتجاتها، الأمر الذي ساهم وبشكل كبير في أن تصبح رينو المصنع الخاص الأكبر في فرنسا بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى...... وسنتعرف في المقالات القادمة إلى تاريخ رينو بين الحربين العالميتين وبعدهما فانتظرونا.

خاص بموقع فنّات.كوم