بحث
مجلة فنّات
وظائف شاغرة
اشتراك القائمة البريدية
  اسم المشترك:
  البريد الإلكتروني:
آخر فيديو السيارات

أبحاث ومقالات

كبير دارسي مشروع مترو دمشق لفنّات: أخشى ركن الدراسة في الأدراج!

24-02-2009

الدكتور مفيد حبيب كبير دارسي مشروع مترو دمشق

 

لم ينظر سكان دمشق إلى مشروع المترو "الحلم"، كأي مشروع حيوي سوف يساهم بتحسين واقع النقل في العاصمة السورية فحسب، بل باتوا يعتقدون أن المترو سينقذ هواء دمشق وماءها ويحفظ أرواح الكثيرين... وإذا كنا نتفق مع شطر واسع من هذا الاعتقاد، إلا أننا قد نشاطر المتشائمين رأيهم من أن المشروع قد لا يتحقق نهائياً، وأن النيات الطيبة وحدها لا تكفي.

ولكن سنجد من يخالفنا الرأي، ومن يعتقد أن النوايا هي الخطوة الأولى قبل الخوض في غمار مشروع بمستوى مترو دمشق، ومن هؤلاء كان الدكتور مفيد حبيب، ابن سورية الذي قادته ظروف العمل والدراسة إلى الاستقرار في المغترب والعمل لدى كبرى الشركات الأوربية، مثل حال الكثيرين من الكفاءات العلمية التي كان قدرها أن تشع خارج حدود الوطن.

ولقد كان قدر الدكتور مفيد حبيب أن تفوز شركة سيسترا الفرنسية التي يعمل لديها بعقد دراسة مشروع مترو دمشق، وأن يعود إلى الوطن كرئيس لفريق الدراسة، وأن يقع على عاتق هذا الرجل تصميم واختبار المسار النهائي الذي سيتخذه المشروع الحلم.

وللوقوف على تفاصيل هذه الدراسة والمراحل التي مرت بها والانتقادات التي واجهتها، التقت فنّات مع الدكتور مفيد حبيب رئيس الفريق الدارس لمشروع الدراسة في مكتبه في حوار مطوّل، وكان كريماً إذ أجاب على كل تساؤلاتنا بكل أريحية:

·        ما هي المعايير التي حققتها سيسترا والتي بموجبها أصبحت الجهة التي تولت دراسة مشروع مترو؟

شركة سيسترا الفرنسية هي شركة متخصصة بالدراسات ولا تملك آليات للتنفيذ، ومع ذلك وصل عدد موظفيها في هذا العام وقد بلغت عامها الخمسين إلى 1300 موظف من بينهم 80% مهندسون على درجة عالية من الكفاءة، ويتبع لها ست شركات تتوزع في قارات العالم الخمس، وعندما خاضت سيسترا بالتضامن مع الفريق اللبناني المتحالف معها المناقصة الأوروبية لدراسة مشروع مترو دمشق، والتي جرت بتمويل من بنك الأوروبي للاستثمار وبمعايير عالمية، حققت الشروط المادية والفنية الأفضل من بين جميع المتقدمين.

·        ما هي المراحل التي مرت بها الدراسة منذ تاريخ البدء بها؟

بدأت الدراسة في الشهر السابع لعام 2007، ودعني أقول أنها كانت دراسة معقدة، والسبب في أن البنك الأوروبي للاستثمار "الجهة الممولة للدراسة"، أراد أن يقدم للحكومة السورية عبر الدراسة مساعدة فنية وتقنية، وفي نفس الوقت تأهيل وتدريب الكوادر الفنية، وقد بدأت دراسة مشروع المترو من 72 مسار تم اختصارها في مرحلة ثانية إلى 48 ثم إلى 24 وبعدها إلى 12 إلى ستة مسارات، وبعدها تم اعتماد الخيار المفضل، ويمكن القول أن المسار النهائي الذي توصلنا إليه كان الأفضل بدون أدنى شك، ولو كانت شروط الدراسة أقل تعقيداً لما استغرقت الدراسة هذه المدة، وقد بدأنا من مخطط عام لحاجات النقل في مدينة دمشق والممرات الممكنة لخطوط النقل الأساسية، وكان الخط الأخضر أولها ـ لم يك يتضمن تحديداً لموقع المحطات والمسافات فيما بينها ومسار هذا الخط ـ والتأكد من أن هذا المسار سوف يخدم أكبر منطقة سكانية ممكنة، ويخدم مستخدمين أكثر، وتبين بعد الدراسة أن الخط الأخضر الذي سيمتد بطول 16.5 كم على 17 محطة، سوف ينقل 840 ألف شخص يومياً أو 35 ألف شخص في الساعة في كافة الاتجاهات، بينما سنحتاج في النقل التقليدي إلى 300 باص عالية الخدمة تعمل حرارياً لنقل نفس العدد مع مسارٍ خاصٍ بها على طرقات المدينة، ستتسبب بآثار خطيرة على البيئة في دمشق.

·        ما هي أبرز الخيارات التي وضعتها الدراسة في مراحلها الأولى والتي تقول أنها 72 خياراً قبل اعتماد الشكل النهائي؟

ُطلب منا في البدء دراسة الخط الأخضر خلال ممرات بعرض 500 متر، من أجل ذلك قمنا بدراسة كل المسارات والمحطات الممكنة والمسافات فيما بينها، مع دراسة للارتفاعات النسبية، إذ على سبيل المثال قمنا بدارسة خط المترو على أوتستراد المزة تحت مستوى الأرض وعلى سطح الأرض وفوق سطح الأرض، هذا كله يشير إلى عددٍ هائل من الخيارات، والحقيقة أنها كانت 142 خياراً أولياً، جرى اختصارها بطريقة الحذف المنطقي إلى 72 خياراً كحد أقصى يمكن البدء عبرها بالدراسة.

·        ما هي أبرز الصعوبات التي واجهها الفريق الدارس أثناء عمله في التقنيات أوفي التنسيق بين الإدارات المعنية؟

لم نصادف صعوبات خاصة بالمشروع على غرار توقعات البعض إلى درجة قولهم أن الدراسة لن تبصر النور، وكل المشاكل التي تعاملنا معها سيجدها الدارس في أي مكان آخر في العالم، إلا أن عدم امتلاك الكوادر المحلية التي نتعاون معها للمعرفة وللخبرة اللازمة في مشاريع مماثلة، إلى جانب غلبة اللغة العربية على معظم المعلومات التي حصلنا عليها، ولما كنت أنا ومساعدتي الوحيدين في الفريق الدارس اللذين يتقنون اللغة العربية، فقد استغرق ذلك وقتاً أكبر في الترجمة من اللغة العربية وبالعكس.

·        ما الذي حدا بكم لاختيار نقطة الوصول للمترو في معضمية الشام، بدلاً من سحب نقطة البدء إلى مناطق أكثر اكتظاظاً سكانياً مثل حرستا أو دوما؟

الخط الذي اقترحته الدراسة أطول من الخط السابق الذي جرى دراسته في العام 2002، والذي كان يمتد من القابون إلى السومرية، بينما إضافة خط حرستا إلى المشروع ستزيد طول الخط 30%! وإذا وافقنا من طالب بمد الخط إلى حرستا سيأتي آخرون ويقولون لماذا لا تضيفون دوما إلى الخط ثم يأتي من يطالب بإضافة الضمير وهكذا... اعتقد أن المترو لا يستطيع خدمة كل الناس، وفي النهاية لا بد له أن يتوقف عند نقطة ملائمة لاحتياجات النقل، دعونا ننفذ المشروع الآن وفي المستقبل من الممكن زيادة طول الخط، خاصةً إذا أخذنا بعين الاعتبار أن دراسة 2002 بينت أن حاجة دمشق للمترو تتمثل في أربعة خطوط بطول 55 كم تنفذ على مراحل، كما أن هنالك مدناً مثل القاهرة نفذت خطوط المترو على مبدأ خطوة خطوة.

·        لماذا تم تقسيم المشروع إلى قسم تحت سطح الأرض وقسم علوي؟

يجب أن يكون البدء بتنفيذ المشروع على سلم أولوياتنا، وبرأيي الشخصي تشكل تكلفة المشروع العالية العائق الرئيسي لانطلاق الأعمال التنفيذية، لذلك رأى فريق الدراسة أن تقسيم المشروع لقسمين علوي وسفلي سوف يساهم بتخفيض التكلفة بصورة كبيرة، إلى جانب سهولة التنفيذ والتكامل العمراني بين المترو والطريق الذي يقطعه من كلية الآداب إلى معضمية الشام، ثم أن آراء الناس الذين التقيناهم أيدت هذا التوجه، وفي النهاية سيصبح تصميم جسر المترو العلوي إن راعى التقاليد العمرانية الدمشقية رمزاً من رموز المدينة أسوة ببرج إيفل أو برج لندن!

·        تحضير شروط مناقصة التنفيذ يقع على عاتقكم أم عاتق الجهة المنفذة "محافظة دمشق"؟

الشروط الفنية لتنفيذ المشروع في محطات المترو مع كامل مواصفاتها كانت على عاتقنا ورهنٌ بنا، وهي تحترم الشروط العالمية لإنشاء مشاريع مماثلة، وتساير شروط التمويل الدولية عند البنوك، لأن أكثر من 70% من المشروع سينفذ بخبرة عالمية.

·        تتنازع بعض الجهات العامة وضع مشروع المترو تحت إشرافها، بينما هو الآن تابع للمحافظة برأيك من هي الجهة الأجدى بإدارة المشروع؟

هذا موضوع يتعلق بالحكومة السورية وقرارها، وفي هذا الشأن عقدنا اجتماعات مع كل المعنيين، لكن للأسف لم يكن هنالك من حلٍ يرضي الجميع، لذلك اعتقد أن إدارة المشروع لا بد لها أن تتسم بالقوة المادية والتقنية والإدارية بمعنى أن تكون صاحبة قرار.

·        برأيك هل ربحية المشروع مضمونة لتجذب رؤوس الأموال للاستثمار على اعتبار أن كلفة المشروع مرتفعة؟

لا يوجد مشروع مترو بنفس النوعية المقترحة لمدينة دمشق في أي مكان نُفذ بأكثر من 20% تمويل خاص، في حين كانت نسبة 80% المتبقية عبارة عن مساهمة حكومية، لذلك لا حل سوى بدعم القطاع العام للمشروع وليس من الضرورة أن يكون هو الطرف المنفذ بل الطرف الممول مادياً، أو عبر تقديم تسهيلات ولا حل غير ذلك لأن المشروع ليس استثمارياً.

·        هل أخذتم بعين الاعتبار حجم التلوث الذي سوف تتسبب به أعمال الإنشاء عبر اتخاذ تدابير للحد منها؟

عبر دراسات قمنا بها استمرت لستة أشهر في ستة محطات على طول المسار، تبين لنا أن التلوث الذي سينتج عن المشروع شبه معدوم، بل على العكس قد يساهم المشروع بخفض التلوث في المناطق التي سيقطعها، لأن التنفيذ تحت الأرض سيكون كهربائياً، وفي القسم العلوي سوف يؤدي التنفيذ إلى خفض عدد السيارات العابرة، لذلك فإن مشروع المترو سوف يكون مفيداً حتى للبيئة في دمشق.

·        معروف أن دمشق قائمة على حوض مائي ومن الوارد اختراقه أثناء عمليات الحفر، هل لاحظتم في الدراسة هذا الجانب؟

ليست دمشق وحدها المدينة القائمة على حوضٍ جوفي، خذ مثلاً القاهرة التي يحيط بها نهر النيل، ومع ذلك وجدوا حلولاً لمسألة المياه الجوفية التي ظهرت أثناء الحفر، والأمر يتوقف على الأدوات المستخدمة، إذ من الممكن تنفيذ حقن قبل عمليات الحفر كما فعلوا في باريس حيث ضخوا غاز الآزوت في التربة الهشة الطرية لتحقق عنصر الصلابة، وأؤكد أننا لا نسعى لتجفيف الينابيع الجوفية بل إلى سدّها لحين الانتهاء، لأن ضخ المياه من مواقع الحفر سيؤثر سلباً على إنشاءات المترو مستقبلاً، ثم أن المدة التي اقترحتها الدراسة للتنفيذ لا تتيح وقتاً يضيع على ضخ الماء الذي قد يستغرق أسابيع!.

·        ما هوية بلد المنشأ للمترو والذي تجده مناسباً لمدينة مثل دمشق؟

لن نفصّل الآن، وسوف نعرج إلى هذا الجانب في المراحل القادمة، وما يهمنا في أية شركة ستتقدم بعروض لبيع قطار المترو أن يتراوح عرض العربات من 3 إلى 3.20 م، وأن يكون عدد عربات القطار من 5 إلى 6، وأي شركة ستعطي هذه المواصفات مع صيانة للمترو من 10 إلى 15 سنة سوف تكون الشركة المفضلة عندي.

·        على ضوء المعطيات الحالية وعلى ضوء دراستكم، متى تتوقع البدء بالإعمال الإنشائية؟

سوف يكون جوابي مشروطاً بعدم وجود تأخير في إقرار الدراسة، أو في طرح مناقصة التنفيذ، وعندها سوف يكون بوسعي القول أن التنفيذ سيبدأ من 18 إلى 24 شهر، أي في حال بدأت الدراسة اللاحقة في حزيران القادم كما هو مخطط، فإن التنفيذ سوف يكون مطلع العام 2011.

·        ما أكثر ما يخشاه الدكتور مفيد على مشروع مترو دمشق؟

أخاف على مشروع المترو "وآمل ألا يكون خوفي بمحله" من الناحية المادية والتمويل، كما وأتمنى ألا تركن هذه الدراسة التي قمنا بها في الدرج كما حصل في السابق، وهي نتيجة محتملة ولا أستبعدها، لكن لا بد أن أشير إلى أن كل المسؤولين الذين التقيت بهم أكدوا لي بأنهم يعتبرون مترو دمشق مشروعاً حيوياً وحساساً وأخيراً مشروعاً وطنياً.

ونحن في موقع فنّات لا يسعنا ونحن نشارك الدكتور مفيد حبيب مخاوفه، إلا أن نحيي جهد كل من سعى لإطلاق مشروع مترو دمشق ليصبح حلماً في متناول اليد، وهو أقل ما يمكن لجيلنا أن يقدمه للأجيال القادمة التي لم تُخلق بعد، والتي كُتب عليها القدر أن تقطن أو تعبر دمشق، والتي ستشكر بالتأكيد أجدادها الذين تعبوا وبذلوا حتى يرتاح أحفادهم.

 

خاص بموقع فنّات.كوم

 

 

 

 

 


كم نجمة تعطي لهذه المقالة؟
نتيجة التقييم:   عدد المشاركين بالتقييم: 4
عدد التعليقات: 0
 
أرسل لصديق طباعة
 
 

Copyright ©2006 fannat.com All Rights Reserved. Designated trademarks and brands are the property of their respective owners. Use of this Web site constitutes acceptance of the fannat.com User Agreement and Privacy Policy.