بعد كثير من الأخبار التي مهدت إلى الإعلان عن إفلاس كبرى
شركات صناعة السيارات عبر التاريخ، جاء أخيراً الخبر الرسمي الذي تم فيه الإعلان رسمياً عن سقوط
أقوى رموز صناعة السيارات، جنرال موتورز التي تربعت على عرش هذه الصناعة لمدة أكثر
من 75 عاماً، علماً بأن السيارات لم تنتشر فعلياًُ إلا بعد الحرب العالمية الأولى،
أي أنها تربعت طوال التاريخ فعلياً على عرش هذه الصناعة.
"صورة تعبر عن وضع جنرال موتورز وشركتي دوزوتو الشهيرة في الخمسينات
وأولدزموبيل"
وبغض النظر عن تفاصيل الإفلاس الذي هو
فعلياً إعادة هيكلة وولادة الشركة من جديد، لا يمكن اعتبار إفلاس GM خبراً عادياً
أو أمراً روتينياً، لأن هذه العملية أكبر بكثير من عملية إفلاس، فهي في الواقع
سقوط صناعة السيارات وسقوط الرمز والاسم الأكبر في تاريخ السيارات، الاسم الذي
ساهم وساهم في تطوير هذه الصناعة وأساليبها ونقلها إلى كل مكان في العالم، فجنرال
موتورز اسم يفوق في وزنه جميع الأسماء المتداولة في عالم السيارات، وحتى أقرانها
كفورد وتويوتا مؤخراً أو فولكس فاغن، والأسماء الذهبية كمرسيدس وBMW، فطالما كانت
تُعبر عن ازدهار هذه الصناعة من خلال قوتها وهيبتها وعملقتها.
وجنرال موتورز تأسست في العام 1908
وضمت أولاً ماركة بويك، ثم توسعت وانتشرت في الولايات المتحدة الأمريكية، وقامت
بابتلاع كثير من الشركات الأمريكية المتخصصة بإنتاج السيارات، وتخطت حدود أمريكا
وطالت كافة أرجاء العالم، ووصل عدد العاملين فيها إلى مليون شخص، وهي اليوم تبيع
السيارات وتخدمها في أكثر من 140 دولة في العالم، وتُصنع سياراتها وعرباتها في 34
بلداً، ويعمل بها حالياً وبشكل مباشر أكثر من 260 ألف موظف، وفي العام 2007 باعت
ما مجموعه 9.35 مليون سيارة، بزيادة مليون وحدة عن العام 2008، واستمرت منذ العام
1931 كأكبر صانع للسيارات في العالم إلى العام 2007 حين نجحت تويوتا اليابانية في تخطيها بفارق ضئيل.
والأسماء الموجودة تحت رايتها اليوم
هي: بويك، كاديلاك، شفروليه، جي أم سي، دايو، هولدن (شفروليه في أستراليا)، ساب،
أوبل (التي أنتقلت ملكيتها رسمياً إلى ماغنا
الكندية)،
بونتياك، همر، ساتورن، فوكسهول، ويلينغ الصينية.
هذا فضلاً عن كثير من الأسماء
المشهورة التي كانت في يوم من الأيام مملوكة بشكل جزئي أو كلي من قبل جنرال
موتورز، كماركة أولدزموبيل أحدى أقدم الماركات في الولايات المتحدة التي تم
إغلاقها مع مطلع القرن الجديد، وسوزوكي وايسوزو وسوبارو من اليابان والتي كان لها
أسهماً فيها، ومجموعة فيات الإيطالية أيضاً، والتي من سخرية القدر كادت أن تبتلع
جزءاً من أهم أجزاء جنرال موتورز بعد أن كانت هي جزءاً منها!
ونحن الآن على عتبة توديع جنرال
موتورز والاستعداد إلى دفن الجدة الفعلية لعالم السيارات، بانتظار المولود الجديد
الذي ستكون الحكومة الأمريكية هي عائلته الأكبر، بعد أن كانت GM شركة مستقلة.
ولاشك بأن هذا الإفلاس الذي لا يمكن
مقاربته إلى إفلاس كرايسلر الأضعف والأقل حضوراً وتأثيراً، قد
مس المكانة المقدسة لصناعة السيارة، فجنرال موتورز التي اعتادت على لعب دور
البطولة في عالم السيارات، انهارت وأشهرت إفلاسها ولم تصمد أمام الأزمة المالية،
فكيف سيكون حال بقية الشركات في حال استمرار هذه الأزمة؟
خاص بموقع فنّات.كوم