خاص
بموقع فنّات.كوم
شام السيارة التي ملأت أخبارها سوريا وشغلت الملايين من السوريين، الذين
باتوا يمنون النفس بامتلاك سيارة بسعر منطقي وصنع محلي.
فشام
هي خطوة كبيرة في تاريخ الصناعة السورية، فللمرة الأولى يتم إنتاج سيارة بشكلٍ
رسمي في سوريا. وكان لشعبنا الحبيب أن هلل وفرح بهذه
السيارة وبدأ يبني أحلاماً بامتلاك سيارة بسعر يتناسب مع مستوى الدخل.
وفي الحقيقة سعر سيارة الشام (بين 575
ألف إلى 625 ألف ليرة سورية) جاء في موقع وسط بين ما توقعه المتفائل منا
والمتشائم, فهو لم يصل إلى رقم كبير نسبياً ولا صغير نسبياً أيضاً؛ فكان سعرها
وبكل صراحة في نطاق المعقول، ولو أننا تمنينا أن تكون الأرقام أقل بحوالي الـ 100
ألف، ليتسنى إلى شريحة أكبر امتلاك هذه السيارة، ويكون أكثر من منطقي لسيارة تصنع
محلياً، ولكن لن نبالي كثيراً أمام الإنجاز الذي تم.
وفي الواقع فإن تطوير وإنتاج السيارات
لا يزال حكراً على الدول المتقدمة، وبدقة أكثر ينحصر في الدول الصناعية السبع،
فباستثناء بعض الدول كالسويد مثلاً لم يشهد العالم تطوير وصناعة سيارات متوافقة مع
عصرها، وإنتاجها بشكل كامل، دون تدخل من شركات تنتمي إلى إحدى الدول الصناعية
السبع.
فعلى الرغم من أنه يتم إنتاج السيارات
في أكثر من 75 دولة في العالم، فإن معظم هذه الدول تنتج سياراتها بالتعاون مع شركات تنتمي إلى العمالقة السبع.
فحتى دولة عظيمة كروسيا قامت بها صناعة
السيارات بالتعاون مع شركة فيات الإيطالية، وحتى الآن فإن معظم السيارات التي
تصنعها لادا تعتمد على محركات لها تقنية محركة فيات.... ولكن للستينيات!!! ومؤخراً
بدأت الشركة الروسية بالتعاون مع جنرال موتورز الأمريكية.
وقد يتبادر إلى ذهن بعضنا أن هناك
سيارات كتاتا الهندية مثلاًُ أو بروتون الماليزية لا يوجد لها أشقاء من قبل شركات
عملاقة أخرى، والحقيقة هي أن هذه الشركات تنتج السيارات بالتعاون مع شركات تطوير
ومعاهد مختصة تنتمي إلى الدول الصناعية، وحتى الصينيين يقومون إما بالتعاون مع
شركات تطوير من هذه الدول أو بسرقة ومحاكاة مخططات لسيارات تنتجها الشركات الكبرى.
فمسألة
تصنيع وتطوير سيارة تلبي المعايير الصناعية الحديثة وتحقق نسب أمان جيدة وأداء
موثوق به، انطلاقاً من ورقة بيضاء أعقد بكثير مما قد يتبادر إلى ذهن المرء منا.
فمؤخراً وبعد التطورات الهائلة التي
حصلت في العالم على الصعيد العلمي والإداري, أصبحت عملية تطوير سيارة من الصفحة
البيضاء إلى الحلة التجارية النهائية تستغرق 18 شهراً، في أحدث الشركات وأكثرها
تطوراً والتي توظف ما يقارب الـ 200 ألف موظف، وبكلفة تقديرية تصل أحياناً إلى
حوالي المليار يورو!!
أما
مسألة إنتاج سيارات فهي ليست بهذه العملية المعقدة، وتعتمد على نقل خط الإنتاج من
الشركة المطوّرة للسيارة إلى الدول المنتجة، وتدريب العاملين ضمن المصنع الجديد.
وبالعودة إلى سيارة شام السورية الصنع,
فهي عبارة عن سيارة سيدان مطابقة لسيارة سيامند الإيرانية التي تصنعها شركة إيران
خودرو، انطلاقاً من المكونات الميكانيكية للفرنسية الشهيرة بيجو 405 سيارة العام
1988 في أوروبا، والتي تم تطويرها من قبل شركة إيران خودرو بالتعاون مع PSA في العام 2000 لتصبح بشكلها
الحالي، وتم البدء بإنتاجها في بداية العام 2002.
وسيارة شام مبنية على قاعدة عجلات يبلغ
طولها 2670 مم؛ أي أن مقصورة السيارة رحبة وواسعة، كما يبلغ طول السيارة 4410 مم
وعرضها 1720 مم، أما ارتفاعها فيبلغ 1460 مم ووزنها 1184 كغ للسيارة المزودة بمحرك
بسعة 1.8 لتر.
وبالنسبة
لصندوق الأمتعة فسعته تصل إلى 500 لتر، أي أنه يتسع لكمية كبيرة من الأمتعة، أما
خزان الوقود فحجمه يصل إلى 66 لتراً.
وهذه الأرقام تشير إلى أن السيارة
الأولى (ونأمل أن لا تكون الأخيرة) التي تنتج في سوريا، تم اختيارها بعناية بحيث
تلبي معظم رغبات الشعب السوري، وبعبارات أخرى، هذه السيارة تنتمي إلى الفئة التي
تناسب وتلائم احتياجات وفكر المواطن السوري، فهي تنتمي إلى فئة سيارات السيدان
المتوسطة الحجم.
وبالانتقال إلى أداء السيارة وحسب
أنظمة التعليق المركبة على السيارة، يجب أن تتمتع السيارة بثبات جيد على الطرقات،
كما أن السيارة مزودة، إما
بمحرك بسعة 1.6 لتر أو بمحرك بسعة 1.8 لتر الذي يتميز بأدائه عن المحرك الأصغر، ويعود محرك 1.8 إلى
مجموعة PSA الفرنسية (بيجو - ستروين) وهو مؤلف من أربع أسطوانات و8 صمامات
ويولد استطاعة تصل إلى 97 حصاناً عند 6000 دورة/ دقيقة، وعزماً يصل إلى 15.5 كغ/م
عند 3000 دورة/دقيقة، ويتصل المحرك مع ناقل حركة يدوية من خمس سرعات أمامية.
تنتقل سيارة شام
المزودة بمحرك 1.8لتر من التوقف إلى سرعة 100 كم/سا في غضون 11.9 ثا وتصل إلى سرعة
قصوى تبلغ 185 كم/سا، وهي أرقام مقبولة لسيارة بهذا الحجم وبمحرك بهذه السعة،
ويمتاز المحرك (1.8) بمعدل استهلاكه المقبول للوقود,
فوسطياً تستهلك السيارة 20 لتراً من الوقود كل 235 كم.
من الداخل تعتبر مقصورة شام واسعة
ورحبة ومجهزة بتجهيزات يصعب إيجادها في سيارة أخرى بنفس السعر، فالسيارة مزودة
بمقود هيدروليك ونوافذ ومرايا كهرباء ومسجلة وقفل مركزي ومن المرجح أيضاً توفر
أكياس هواء و ABS.
ونأمل نحن في فنّات أن تكون السيارة
تتمتع بعملانية عالية، بحيث تكون جودة بناؤها ومكوناتها الميكانيكية من النوع الذي
يعتمد عليه، كما نتمنى أن لا تكون هذه السيارة هي السيارة الأخيرة التي تجمّع في
سوريا، بل نأمل أن تكون الخطوة الأولى والممهدة لتحويل سوريا إلى بلد مصنِّع
للسيارات؛ فعلى الرغم من محدودية استيعاب سوق السيارات في سوريا، يمكن الاستفادة
من تحويل سوريا إلى بلد منتج ومصدر للسيارات بسبب نوعية اليد العاملة السورية
الجيدة والرخيصة نسبياً، مما يتيح أمام الكثير منّا خيرات ومجالات أوسع وأسعار أقل
عند شراء سيارة جديدة، بالإضافة إلى إمكانية افتتاح مصانع أخرى، تحمل أسماء شركات
واسعة الشهرة في العالم، مما يساهم في توفير الكثير من فرص العمل، بالإضافة إلى
الارتقاء بمستوى الاقتصاد المحلي ككل.