لا تُستخدم السيارات غالباً في سورية في مكانها المناسب من قِبل الناس، أي أنه يتم استخدام سيارات صغيرة مثلاً لتخديم عائلات كبيرة وقس على ذلك... ولا شك بأن السبب الرئيسي في ذلك هو ارتفاع أسعار السيارات والدخل المحدود لمعظم السكان في بلدنا، الأمر الذي دفع الناس إلى الإقبال على شراء سيارات بأسعار منافسة على حساب الجودة وتقنية التصنيع، أو شراء سيارات بأحجام ومحركات أصغر من ما يناسب نمط حياتهم.

غير أن شركة هيونداي الكورية استطاعت مع فرعها كيا تأمين سيارات مناسبة في السعر نسبياً وبإمكانية وجودة تصنيع وتقنيات ترضي الجميع، ومع ذلك لا يمكننا أن نعتبر بأن سيارات ككيا ريو وهيونداي فيرنا أو حتى كيا سيراتو فورت وهيونداي أفانتي سيارات عائلية بامتياز أو سيارات تحقق جميع الرغبات بالصورة المطلوبة.

إذ لا يمكن لسيارة كهيونداي أفانتي أن تكون مناسبة لعائلة لديها أكثر من ثلاثة أطفال فعلياً، إذ يصعب أن تستوعب وبرحابة أكثر من ثلاثة أشخاص في مقعدها الخلفي أو أن يستوعب صندوق أمتعتها كافة الأمتعة للعائلة في السفر والرحلات، وحتى محرك بسعة 1.6 لتر لن يرضي طموح رب الأسرة دائماً... إذاً ما الحل؟

الحل يتمثل في السيارات التي يمكننا فعلاً تصنيفها كسيارات عائلية ترضي وتناسب الجميع كسيارة هيونداي سوناتا في جيلها الجديد، التي وإن كنتم من أصحاب الدخل الجيد نسبياً ستحظون بمتعة امتلاك سيارة مناسبة في كافة الأوقات للعائلة ولأرباب العائلات وحتى رجال الأعمال وللمدينة والسفر وبسعر منافس مقارنة بالسيارات المنافسة، كهوندا أكورد أو تويوتا كامري أو مازدا 6 من اليابان أو فورد مونديو وفولكس فاغن باسات من أوروبا على سبيل المثال لا الحصر.

ولأهمية سوناتا الجديدة والصورة المشرقة لها واختلافها الكبير وتطورها عن الجيل السابق، من سيارة كلاسيكية إلى سيارة أبعد ما تكون عن الكلاسيكية، ولمعرفة قدراتها أمام سعرها ومنافساتها الأعلى ثمناً، كان لا بد لنا من وقفة مطولة مع سوناتا الجديدة وتجربتها لنضع النقاط على الحروف... ولندخل في التفاصيل.

التصميم الخارجي:

بذلت هيونداي الكثير من الوقت والأموال على تطوير سوناتا الجديدة التي هي الآن في جيلها السادس، إذ بدأت أعمال التطوير في العام 2005 وبكلفة أجمالية وصلت إلى 372 مليون دولار أمريكي، إلى أن أصبحت هيونداي جاهزة لطرح سوناتا في الأسواق حتى نهاية العام الماضي.

ويتجلى تماماً مقدار الجهد والأموال التي بذلتها هيونداي في تطوير الجيل الجديد، الذي لا يمت على صعيد التصميم الخارجي أو الداخلي بأي صلة للجيل السابق، الذي كان يتسم بالطابع الكلاسيكي المحافظ، بينما أتى الجيل الجديد بتصميم أبعد ما يكون عن الكلاسيكية.

 

 

فسوناتا الجديدة ترفع راية التحدي بتصميمها الجريء وفق منهج هيونداي الجديد المسمى "Fluidic Sculpture"، فتصميم المقدمة هجومي وشرس والجانب يشبه وبدرجة كبيرة سيارات الكوبيه والخلفية متناسقة وبشكل كبير مع بقية التصميم، وغيرها من الخطوط واللمسات الفريدة هنا وهناك.

من الأمام تُبدي سوناتا الجديدة العداء لجميع السيارات عبر أضوائها الأمامية الغاضبة بشدة، بفضل شكلها المسحوب باتجاه أسفل ومنتصف المقدمة وبشكل رفيع، وفي نفس الوقت تحتوي على أضواء دائرية ملفوفة بتموجات بديعة في شكلها، ومسحوبة إلى الجانب بشدة.

يتوسط الأضواء شبك تهوية كرومية لامع وذو شفرات عريضة يتوسطه شعار هيونداي، وهذا الشبك بدوره متموج ومسحوب بشكل أنيق ودقيق مع غطاء المحرك وأسفله الصادم الأمامي المنحوت بعناية والمدمج مع المقدمة بشكل أنيق، ويحتوي على أضواء ضباب في جوانبه.

وكما ذكرنا بأن الأضواء الأمامية مسحوبة إلى الجانب بشدة، وعند نهاياتها على الجانب تتصل بشكل ولا أروع مع خط كرومي يمتد وبشكل متصاعد من الأطراف الجانبية إلى الأضواء الأمامية وحتى نهاية النوافذ الجانبية الخلفية، ليشكل ذلك أروع وأجمل اللمسات في سوناتا الجديدة.

 

 

ويبرز على الجانب أيضاً شكل المرايا الانسيابية مع المؤشرات الضوئية، والخط النافر والمذهل في رسمه على الأبواب والذي يضم بشكله المتصاعد باتجاه الخلف قبضات الأبواب الكرومية والرائعة في شكلها المغزلي (اهتمام هيونداي بأدق التفاصيل كشكل قبضات الأبواب ينم عن مدى التطور الذي بلغته الشركة الكورية، والقدرة لمنافسة أكبر الأسماء في عالم السيارات حتى على صعيد التصميم).

ومن أبرز الخطوط الجانبية هو خط السقف المنخفض بشدة باتجاه الخلف مع النوافذ الجانبية، بطريقة مباشرة ومشابه لسيارات الكوبيه الرياضية الأمر الذي تستحق الثناء عليه هيونداي، التي ما برحت تثبت بأنها أكبر وبكثير مما نظن ونعتقد.

المؤخرة أيضاً متناسقة مع المقدمة عبر الأضواء الخلفية التي تنتمي إلى نفس روح الأضواء الأمامية، ويبرز في المؤخرة أيضاً وجود ارتفاع جذاب في أعلى ونهاية غطاء صندوق الأمتعة.

 

 

وعموماً، يصعب الاقتناع بأن هيونداي سوناتا في جيلها الجديد هي سلف الجيل السابق، إذ لا يوجد أدنى تشابه على صعيد التصميم، وربما تحذر الشركات الكبيرة في عالم السيارات من إجراء نقلة كبيرة بين جيلين من نفس الطراز، وفي حال قامت بذلك تقوم غالباً بتغير الاسم، أما هيونداي فامتلكت الشجاعة والجرأة على تغيير جذري على سوناتا دون المساس بالاسم، الأمر الذي ينم عن ثقة كبيرة نراها نحن في فنّأت بمكانها.

المقصورة:

عملت هيونداي على زيادة أبعاد السيارة الجديدة وبواقع 65 مم لقاعدة العجلات، التي أصبحت بطول 2,795 مم، وليبلغ طول السيارة الإجمالي 4,820 مم، وعرضها 1,835 مم، أما ارتفاعها فقد تناقص 5 مم فقط ليصبح 1,470 مم، لذا فهي أكبر وأكثر اتساعاً من الداخل من الجيل السابق، بينما هي أقل ارتفاعاً من الجيل السابق وهذا ما يفسر منحى الكوبيه عليها .

وتمتلك سوناتا الجديدة أبواب عريضة وتفتح بزوايا واسعة، الأمر الذي يمكن ملاحظته عبر سهولة الدخول والخروج من وإلى المقصورة، وتمتاز مقصورة سوناتا الجديدة باحتوائها على كافة سمات العصر بفضل تصميمها الحديث وتجهيزاتها المتكاملة.

 

 

فالمقود عصري بشكله الفريد من وحي هيونداي الجديد وذو لونين مماثلين لألوان لوحة القيادة، ويحتوي على أزرار للتحكم بمسجل الصوت ومثبت السرعة وعتلات خلفه للتحكم بعلبة السرعة على غرار سيارات الفورمولا وان، والتي وإن لم تك هيونداي سباقة في نقل هذه التقنية إلى سيارات الركوب فإنها من بين الشركات التي لم تتأخر كثيراً في استخدامها، وأن تصل متأخراً خير من أن لا تصل أبداً (أول من قام باعتماد عتلات لتبديل السرعة خلف المقود هي فيراري عبر طراز F355، وأول سيارة سيدان هي ألفا روميو 159 في العام 1999).

وخلف المقود تقبع لوحة عدادات جميلة وأنيقة ومميزة في طريقة إضاءتها خاصة عند تشغيل السيارة، إذ تقوم الأضواء بإضاءة لوحة العدادات بشكل تدريجي يحفز السائق على الانطلاق بسيارته، علماً بأن شكل لوحة العدادات يتمثل في تجويفين دائريين عميقين نسبياً، أحدهما لسرعة السيارة وفي مركزه مؤشر إلكتروني لمستوى خزان الوقود، والثاني لسرعة دوران المحرك وفي مركزه مؤشر إلكتروني لحرارة المحرك، ويتوسط العدادين كومبيوتر رحلة ذو شاشة LCD صغيرة ملونة ويقدم للسائق كل ما يلزمه من معلومات عن السيارة وحالتها.

 

 

لوحة القيادة أنيقة وعصرية بتصميمها مع شكلها المنساب إلى الأسفل، وتصميمها المميز بطريقة رسم فتحات التكييف الطولية ومن ثم مسجل الصوت CD-MP3 الذي يمتاز بنقاوة صوته وأدائه الممتاز وإمكانية وصله بالوسائط المتعددة عبر مداخل AUXوUSB، وأسفل مسجل الصوت مكيف رقمي التحكم فعلياً بعكس ما يظن البعض بأنه يدوي، ويتميز بأدائه الجبار كمعظم مكيفات السيارات الكورية وتصميمه الفريد الذي يحتوي شكل جسم إنسان، ووجود فتحات تهوية للمقاعد الخلفية.

ومن التجهيزات الغنية بسوناتا الجديدة نذكر السقف البانورامي الذي بات سمة من سمات سيارات العصر، وفرش الجلد والمقعد الكهربائي الحرة مع ذواكر للسائق، وطبعاً النوافذ والمرايا الكهربائية القابلة للطي كهربائياً، ونظام دخول السيارة وتشغيلها بدون مفتاح وغيره...

 

 

وعدا عن تجهيزات الترفيه الغنية والمتنوعة في سوناتا، وتجهيزات السلامة من كيسي هواء ونظام ABS، تمتاز مقصورة سوناتا الجديدة باعتناء واضح بالتفاصيل من زوائد كروم ومواد ذات جودة عالية مستخدمة فيها، ولمسات جمالية كامتداد فتحات التهوية الأمامية الجانبية مع الأبواب الجانبية في شكلها وغيرها من اللمسات، كما تحتوي مقصورة سوناتا على عدد كبير من جيوب التحميل وحاملات الأكواب من بينها جيب كبير نسبياً في لوحة القيادة.

وتمتاز أيضاً سوناتا بجودة تصنيع وبناء المقصورة، ففضلاً عن استخدام مواد عالية الجودة، تتجلى جودتها من خلال نوعيتها وملمسها عند المعاينة المباشرة، يتضح مدى الدقة في تجميع وبناء المقصورة، كما تقدم الأخيرة مساحات واسعة جداً ورحبة لدرجة ترضي الجميع دونما استثناء، وذلك على صعيد المقاعد الأمامية الرحبة والمريحة التي تستطيع حضن حتى ذوي الأحجام الكبيرة، والمقعد الخلفي الكبير والواسع والذي يستوعب 3 ركاب بالغين أو حتى 4 ركاب برحابة تامة، وكلا المقعدين يحيطهما مساحات واسعة جداً للأرجل والرؤوس والأكتاف، ويتمثل الإزعاج الوحيد للركاب في ارتفاع مستوى النوافذ سواء الأمامية أو حتى الخلفية، لدرجة يصبح سند اليد على النوافذ أمر شبه مستحيل (عملياً النوافذ لا تصمم لسند الأيدي عليها، إنما توجد سنادات للأيدي عند قبضات الأبواب من الداخل)، كما تحد هذه النوافذ المرتفعة من الإضاءة الخارجية الواصلة لداخل المقصورة، مما يحد من الشعور بالانشراح داخل المقصورة على الرغم من رحابة المقصورة.

صندوق الأمتعة هائل القدرة عبر حجمه البالغ 464 لتراً، وعملياً تشعر بأن الصندوق أكبر من ذلك بكثير خاصة على صعيد العمق والمساحة، وهو حتماً قادر على استيعاب كافة أغراض العائلة عند الرحلات الطويلة والسفر.

وأخيراً، لا يمكننا اختصار وصف مقصورة سوناتا الجديدة سوى بأنها تحقق حلم كل عائلة ورجل أعمال عبر تحقيق جميع رغباتهم، من جودة ورحابة وغنى تجهيزات وتصميم عصري ومساحات لكل شيء.

المحرك وعلبة السرعة:

باستثناء سوق الولايات المتحدة التي خصتها هيونداي بمحرك جديد كلياً يعمل بالحقن المباشر للوقود وبسعة 2.4 لتر، وبعض الأسواق التي ستزودها بمحرك بسعة 2.0 لتر مع توربو، لم تقم هيونداي بطرح محرك جديد كلياً مع سوناتا الجديدة في معظم أسواقها العالمية، إذ اكتفت بتطوير محركيها الأساسيين بسعة 2.0 لتر و2.4 لتر الذي كان قابعاً تحت غطاء سيارة التجربة.

وجرى تطوير محرك سيارة التجربة بسعة 2.4 لتر من استطاعة 166 حصاناً عند 5,800 دورة في الدقيقة مع عزم أعظمي بمقدار 23 كغ.م عند 4,250 دورة في الدقيقة، إلى 178 حصاناً عند 6,000 دورة في الدقيقة مع نفس العزم ولكن عند سرعة دوران أقل هي 4,000 دورة في الدقيقة.

ويتصل هذا المحرك في سوقنا بعلبة سرعات من نوع تيبترونيك حصرياً ومن 6 سرعات أمامية، يمكن التحكم بها أما بشكل أوتوماتيكي بالكامل أو عبر اختيار وضعية القيادة عبر التعشيق بواسطة عتلة ذراع تعشيق علبة السرعة التقليدي، أو عبر عتلتين خلف المقود كما سبق وذكرنا.

وتنقل علبة السرعة الحركة إلى العجلات الأمامية الدافعة، التي تنقل سوناتا من التوقف إلى سرعة 100 كم/سا في غضون 9.5 ثا وتصل بها إلى سرعة قصوى تناهز الـ 210 كم/سا، وهذه الأرقام تعتبر أرقاماً منطقية لسيارة بوزن قريب من الطن ونصف الطن، وفي الواقع لا يتمتع محرك هيونداي هذا بشهية محدودة للوقود، فعند التجربة لم يستطيع المحرك يزيد معدل استهلاكه الوسطي عن 180 كم لكل 20 لتراً من الوقود في أفضل الأحوال.

على الطريق:

ضع مفتاح سوناتا في جيبك واقترب من السيارة يفتح القفل المركزي تلقائياً بمجرد اقتراب المفتاح، وذلك لوجود نظام دخول السيارة وتشغيلها بدون مفتاح، ومن ثم اصعد إلى مكان السائق في سيارتنا، وأضغط على زر تشغيل السيارة، فيقترب بك المقعد تلقائياً إلى وضعية القيادة باتجاه المقود، وعند إطفاء السيارة يبتعد المقعد تلقائياً عن المقود لتسهيل الصعود والنزول إلى سوناتا الجديدة.

ومن ثم اضغط على المكابح وزر التشغيل مجدداً، تبدأ سوناتا الجديدة في الدوران، ويبدأ المحرك العصبي نسبياً بالدوران بسلاسة ومرونة وإصدار صوت مرتفع قليلاً، غير أن عند إغلاق النوافذ داخل المقصورة بالكاد يستطيع المرء سماع صوت المحرك أو الأصوات الخارجية، بفضل العزل الجيد للمقصورة عن الأصوات الخارجية.

يتجاوب المحرك جيداً مع السائق، ولكن لا يمكن اعتباره سريع التجاوب لدرجة كبيرة، كما تزداد متعة قيادة سوناتا عند اختيار وضعية التعشيق عبر العتلات خلف المقود، وننصح كل من يود اقتناء سوناتا الجديدة باقتناء النسخة المزودة بعتلات خلف المقود إن استطاع ذلك، لما لها من دور كبير في زيادة متعة قيادتها.

وتتسارع سوناتا جيداً على الطريق وبثبات وثقة وهدوء على الطريق، ولا يسمع المرء أي أصوات مزعجة عند السرعات العالية سببها الهواء، وذلك بفضل التصميم الانسيابي للهيكل، وتمتاز أيضاً سوناتا بثباتها الأكثر من مقبول على المنعطفات، فيما تزيد الفرامل من ثقة السائق بفضل تجاوبها الجيد ونظام الـ ABS.

المقود ينقل الإحساس بالطريق إلى السائق بشكل ممتاز، ويُشعر السائق بأنه مسيطر وبدرجة كبيرة على السيارة، التي تستعد الإطلاق به والذهاب إلى أبعد مما يتصور...

أخيراً، وبعد هذه التجربة المطولة مع إحدى أهم السيارات التي تناسب العائلات ورجال الأعمال في سورية، ومن أهم سيارات السيدان أيضاً على مستوى العالم مقارنة بسعرها المنافس، يمكننا وصف سوناتا بأنها النجمة الحقيقة والبطلة الفعلية لعام 2010 في سوق السيارات السورية، فسيارة التجربة ممتازة في تجهيزها وبمحرك كبير بسعة 2.4 لتر ورحابة وتصميم يتفوق على معظم المنافسين، وبسعر يقل بنسبة تقارب الـ 20% عن السيارات المنافسة له من نفس الفئة والحجم وسعة المحرك تقريباً... إذاً ألا تستحق سوناتا أن تكون سيارة العام 2010 في سورية؟ أو على الأقل سيارة السيدان الكبيرة في سورية 2010؟ تستحق وبجدارة وحتى بأنها تستحق أكثر من ذلك.

 

 

 

 

خاص بموقع فنّات.كوم