الأسماء العريقة في عالم السيارات واللامعة لا تحتاج إلى من يتحدث عنها، ولا يبدو عليها معالم الكبر والتقدم بالسن مهما كبرت، وعادت ما تحتفظ بشخصية واحدة طوال تاريخها، ومن بين هذه الأسماء العريقة والهائلة الشهرة في فئتها هي اليابانية ميتسوبيشي باجيرو، سيارة الـ SUV التي لا يقف في وجهها أي نوع من التضاريس مهما اشتدت وبلغت وعرة ما تواجهه فإنه لن يقهرها.

وهي ليست فقط سيارة دفع رباعي أصيلة أبنت شركة عريقة في مجال سيارات الدفع الرباعي والـ SUV وحسب، بل هي تاريخ مستقل في حد ذاته بالنسبة إلى فئتها لما تقدمه من مزايا تجعلها علماً على الطرقات المعبدة وملكة خارجها.

كيف ولا وباجيرو تعد من أشهر سيارات الدفع الرباعي في العالم منذ ولادة الجيل الأول في العام 1982 وحتى الجيل الرابع والأخير الذي نزل إلى الأسواق في العام 2007 ومعه إرث وتاريخ حافل، وإنجازات عظيمة أهمها بأنه الطراز الأكثر تتويجاً في أصعب سباقات الأرض وأقساها ظروفاً رالي داكار.

وهي مازالت تحصد الإعجاب أينما حلت، وفي سورية يقدر معظم الناس هذا الطراز الذي يجوب منذ جيليه الأول طرقاتنا، فهل يستحق الجيل الأخير الذي أبصر النور قبل عدة سنوات كل هذا التقدير لدينا؟ أما ماذا؟ الجواب سنتعرف عليه من خلال هذه التجربة التي أجرتها فنّات.

التصميم الخارجي:

لا تحتاج ميتسوبيشي اليابانية إلى كثير من الابتكار والإبداع عند إطلاق كل جيل جديد من باجيرو، فهذه السيارة لها روح هي نفسها منذ الجيل الأول وتحظى بتطوير وتحديث مع كل جيل جديد، وهي دائماً أبداً على الرحب والسعة.

ويمكن وصف شخصية ميتسوبيشي باجيرو بالرصينة والوقورة، دون أي إهمال أو ابتعاد عن ملامح الرجولة والهيبة التي تحتاجها عابرة صحاري كباجيرو لتفرض هيمنتها على الطرقات أمام منافسيها، علماً بأن اسم وشخصية وروح الخطوط الخارجية لباجيرو مستوحاة من نوع من أنواع القطط البرية التي تعيش في الأرجنتين وتشيلي، وذلك عبر جميع الأجيال.

 

 

ولهذا يمكن مباشرة الشعور بأن أضواء باجيرو الجديدة تمتلك من الجرأة والقوة في تصميمها ما يعكس تماماً ما توحي إليه عيون القطط البرية الشرسة، وذلك عبر حجمها الكبير وشكلها المسحوب بشكل واضح نحو الزاوية العليا الخارجية، ويتوسط الأضواء شبك تهوية من الحجم الكبير ومصنوع من الكروم اللامع ومقسوم إلى ثلاث أجزاء ويتوسطه شعار كبير الحجم وكرومي أيضاً وليس أحمر لميتسوبيشي، وهو مرسوم بشكل يماثل أنف القط.

ويبرز أيضا الصادم الأمامي الكبير الحجم ذو الهيبة، مع فتحة تهوية سفلية كبيرة وأضواء ضباب محاطة بإطارات بارزة ومرسومة بدقة تضيف مزيداً من القوة إلى شخصية باجيرو، ويتوضع فوق أضواء الضباب بخاخات لغسل الأضواء الأمامية، ونلمح أيضاً الخطين العرضيين المصنوعين من البلاستيك بشكل مميز على الصادم الأمامي.

غطاء المحرك كبير الحجم طبعاً وأنيق في رسمه وخطوطه ويحتوي في مقدمته على شعار ميتسوبيشي أيضاً بشكل بارز للأعلى يذكرنا بالسيارات المترفة، فيما يقف الزجاج الأمامي بزاوية كبيرة نسبياً.

الخطوط الجانبية ترسم ملامح سيارة دفع رباعي جبارة الإمكانيات، مع شكل جانبي تقليدي ومرتفع السقف ويتكامل مع الرفارف النافرة والكبيرة والزوائد المنتفخة في النصف السفلي من الأبواب وسكة الصعود الكرومية والعجلات الكرومية بقياس 17" والعريضة الإطارات، ويبرز أيضاً الزجاج الجانبي الداكن والشبه المستطيل في شكله، دون نسيان قبضات الأبواب الكروم والمرايا الكرومية اللامعة والكبيرة لرؤية أفضل مع المؤشرات عليها والسكك العلوية للتحميل، مع وجود امتدادات محدودة للأضواء الأمامية والخلفية على الجانب بعكس معظم سيارات اليوم التي تركز على امتدادات واسعة للأضواء جانبياً.

 

 

ولكي تمثل باجيرو سيارة SUV بقدرات كبيرة وبتفاصيل كاملة، تم تثبيت الإطار الاحتياطي على الغطاء الخارجي لباب صندوق الأمتعة ضمن إطار مميز في تصميمه ويضف المزيد من الرونق لباجيرو، مع التركيز على دوره في توفير مساحات داخلية أوسع، ويبرز في الخلف أيضاً الصادم المزين بالكروم والأضواء الخلفية التي يميل لونها إلى الأبيض في قالب تقليدي وصغير الحجم، مع وجود جناح خلفي يتوضع فوق الزجاج الخلفي الواسع لرؤية أفضل.

 

 

وعموماً، لا يمكن وصف تصميم ميتسوبيشي باجيرو في جيلها الأخير سوى بالمحافظ على التقاليد والعصري والحديث والبعيد عن التكلف والاصطناع، وهو بذلك يبقى بصورة نضرة ومميزة مهما بلغ من العمر.

المقصورة:

سابقاً كانت سيارات الدفع الرباعي تركز على القدرات لعبور الطرقات دون الاهتمام والاعتناء بعوامل الراحة داخل المقصورة، ولكن مع باجيرو لا يمكن وصف المقصورة وعوامل الراحة ضمنها إلا بالفاخرة والكاملة والشاملة.

وبفضل سكك الصعود الجانبية والزوايا الكبيرة التي تفتح بها الأبواب، يعتبر الصعود والنزول من وإلى مقصورة باجيرو سهلاً جداً ومريحاً، والهيكل صلب مقنع في جودة صناعتها ومتانته، فيما يشعر المرء فور صعوده إلى مقصورة باجيرو بأنه داخل مقصورة سيارة متفوقة وتتحلى بمقصورة واسعة ورحبة ولوحة قيادة رصينة وفاخرة بكل ما للكلمة من معنى.

 

 

فلوحة القيادة لها شكل شبه عامودي على الأرض، وواسعة وكبيرة في حجمها وتتألف من لوحة وسطية تشتمل في أعلاها على شاشة ملونة للتحكم بعدة أمور ووضعيات للسيارة، وأسفلها مسجل صوتي متطور مع مشغل CD MP3 ومبدل أسطوانات وأزرار كبيرة لسهولة التحكم مع مستوى عالي الأداء والنقاوة للصوت ومداخل USB وAUX مع نظام استريو فعلي.

ومن ثم يقع تحت المسجل المكيف الرقمي الجبار في تأديته حقاً، مع فتحات تكييف كبيرة في الأمام وخلف كل مقعد في الخلف وتحكم بالمكيف من الخلف بشكل منفصل تماماً، وذلك بالنسبة للصفين الثاني والثالث من المقصورة التي تشتمل على ثلاثة صفوف من المقاعد وتتسع لسبعة ركاب.

وتزدان لوحة القيادة بالزوائد الخشبية الفاخرة وبوجود لونين لها مع بعض اللمسات الكرومية، كالموجودة حول ذراع تعشيق السرعة والتحكم بنظام الدفع، كما أن حاشية الأبواب الداخلية أنيقة ومصنوعة بذوق رفيع وتحتوي على زوائد كرومية وخشبية أيضاً.

المقود ولوحة القيادة أو مركز القيادة يشعران السائق بالثقة، بفضل التصميم الأنيق للمقود مع الزوائد الخشبية وأزرار التحكم بمسجل الصوت ومثبت السرعة، ومن خلفه لوحة العدادات التي تحتوي على تجويفين دائريين مع عدادات مضاءة بثلاثة ألوان هي الأبيض والأزرق والأحمر وأرضية كرومية، ويتوسط العدادين شاشة كومبيوتر الرحلة مع مؤشر لنظام الدفع الرباعي في الباجيرو.

 

 

التجهيزات الداخلية غنية جداً من مقاعد جلدية وكهربائية الحركة للسائق والراكب الأمامي ونظام نفخ لظهر مقعد السائق، وأضواء زينون ومثبت سرعة ونظام دخول السيارة وتشغيلها بدون مفتاح وتدفئة للمقاعد وفتحة سقف من الحجم الكبير وأنظمة ABS وESP و8 أكياس هواء للأمان وغيرها الكثير...

وبالنسبة إلى المواد المصنوعة منها المقصورة فهي من النوع الممتاز والعالي الجودة سواء على صعيد المواد الفاخرة كالجلد والخشب والكروم أو المواد الأخرى كالبلاستيك وغيره. كما أن المقصورة وكما ذكرنا تتألف من ثلاثة صفوف من المقاعد، وتتميز المقاعد الأمامية في الصفين الأول والثاني بتوفير مساحات واسعة على جميع الأصعدة من الرؤوس إلى الأكتاف والأقدام وتمتاز المقاعد أيضاً بأنها وثيرة ومريحة جداً، وحتى الصف الثالث من المقاعد يوفر مساحات جيدة لراكبين على جميع الأصعدة وهي مريحة ورحبة أيضاً ويسهل الصعود والنزول منها وإليها بفضل سهولة حركة الصف الثاني من المقاعد، مع الإشارة إلى سهولة التحكم بوضعية الصف الثالث من المقاعد التي يمكن أن يتم طيها بسهولة فائقة تحت أرضية الصندوق، ويتوفر عند استخدامها مساحة جيدة للأمتعة مع مساحة أخرى تحتها للتخزين، فضلاً عن إمكانية رفع مساحات التخزين إلى رقم مرتفع وكبير عند طي الصف الثالث من المقاعد بحيث يتسع صندوق باجيرو إلى كمية كبيرة من الأمتعة تكفي للذهاب في سفر طويل.

 

 

وتمتاز أيضاً مقصورة باجيرو بتوفيرها عدد كبير من الأمور العملية، كجيوب التحميل وحاملات الأكواب ومنافذ الكهرباء الموزعة في جميع أنحاء المقصورة ما يجعل منها سيارة ممتازة للعائلة في حياتها اليومية وفي النزهات والرحلات، وباجيرو أيضاً تتمتع بالقدرات الكبيرة كعابرة صحاري وأيضاً ذات مقصورة فاخرة ما يجعلها سيارة مناسبة أيضاً لرجال الأعمال... أي أن باجيرو بفضل مميزاتها تناسب الجميع وتلبي كافة المتطلبات.

المحرك وعلبة السرعة:

سيارات الـ SUV أو الدفع الرباعي ينبغي لها أن تكون مزودة بمحركات كبيرة وقوية لتؤمن لها ما يلزم من استطاعة وعزم لتجاوز جميع الطرقات والصعوبات على الطرقات الوعرة، وباجيرو كسيارة عريقة في مجالها تم تزويدها بمحرك كبيرة مؤلف من 6 أسطوانات على شكل حرف V و24 صماماً وبسعة 3.0 لتر ويولد استطاعة حصانية محدودة نسبياً تقف عند 178 حصاناً عند 5,250 دورة في الدقيقة و26 كغ.م عند 4,000 دورة في الدقيقة، وتنقل الحركة علبة سرعات تيبترونيك من 4 نسب أمامية إلى العجلات الأربع الدافعة وفق نظام ميتسوبيشي للدفع الرباعي الذي يتم التحكم به عبر ذراع خاصة جانب ذراع تعشيق السرعات، والذي يُمكن من الاختيار بين 4 وضعيات، إما دفع بالعجلات الخلفية ويفضل استخدامه باستمرار على الطرقات المعبدة لتوفير استهلاك الوقود والحصول على نشاط أفضل، أو دفع رباعي يفضل استخدامه على الطرقات المعبدة أثناء هطول الأمطار أو وجود المياه على الطريق أو الطرقات القليلة الوعورة، أو دفع رباعي عالي يفضل استخدامه في الطرقات الوعرة فقط، أو دفع رباعي منخفض يعمل على زيادة العزم على العجلات ويفضل استخدامه في الطرقات الشديدة الوعورة حصراً كونه يجعل من السيارة ثقيل وبطيئة ونهمة لاستهلاك الوقود.

ولا يقدم المحرك الكبير الأرقام الباهرة بالنسبة إلى السرعة القصوى والتسارع واستهلاك الوقود لباجيرو التي يبلغ وزنها أكثر من طنين (2060 كغ)، فهو يحتاج إلى أكثر من 10 ثانية لبلوغ عتبة الـ 100 كم/سا من التوقف، ولا تتجاوز سرعة باجيرو القصوى الـ 180 كم/سا فيما يبلغ متوسط استهلاكه للوقود حوالي 170 كم لكل 20 لتراً من الوقود.

على الطريق:  

تحظى مقصورة باجيرو بعزل ممتاز عن الأصوات الخارجية وتقدم أيضاً مستوى راق من راحة الركوب ونوعيته داخلها، إذ تقدم أنظمة التعليق ثباتاً جيداً على الطرقات لباجيرو وتؤمن راحة ركوب ممتازة للركاب، وتساهم أيضاً في توفير الإمكانيات اللازمة لباجيرو لتخطي الطرقات الوعرة وتخميد الاهتزازات التي تنجم عن تجاوز هذه الطرقات.

أما بالنسبة إلى المحرك فعند تشغيله يلحظ المرء مباشرة صوته المرتفع نسبياً، ولكن بفضل العزل الممتاز للمقصورة فإن السائق والركاب لن يصلهم مستوى ضجيج مرتفع إلى داخل المقصورة، أما بالنسبة إلى نشاط المحرك فيعتبر محدود بعض الشيء بسبب الوزن الثقيل للسيارة وضعف استطاعته نسبياً، ومع ذلك لا يشعر سائق السيارة الذي يحظى بموقع ممتاز ويشعر بأنه مسيطر على السيارة من مكانه بأن باجيرو بحاجة إلى مزيد من الاستطاعة أو العزم.

المقود متجاوب وعلبة السرعات سلسة في أدائها والفرامل أكثر مما يطلب المرء في سيارته وذات مقدرة على كبح وزن باجيرو بسهولة وبوثوقية عالية، فيما يؤمن نظام الدفع الرباعي المتعدد الاختيارات جميع القدرات اللازمة لتجاوز أي نوع في الطريق، فباجيرو سلسة على الطرقات المعبدة وذات تماسك وثبات على وتعاني بعض الشيء عند المنعطفات إذا ما تم دخولها بسرعة كبيرة نسبياً وذلك طبيعي كونها سيارة SUV ومرتفعة السقف، فيما تبدع باجيرو على الطرقات الوعرة وتقهرها طريق بعد طريق فلا يوجد أي نوع من الطرقات الوعرة يستطيع الوقوف في وجه باجيرو... باستثناء الجدران والجبال العمودية على الأرض!

أخيراً، وبعد هذه التجربة مع باجيرو العريقة والقديمة التواجد في سورية وحتى مع جيلها الحالي المتوفر منذ العام 2007، لا يمكننا سوى وضعها بين مصافي السيارات مع التأكيد بأنها سيارة SUV ناضجة تماماً، فهي متقنة صنعة وغنية التجهيزات ورصينة في تصميمها وكريمة في مقصورتها وتناسب العائلات الكبيرة ومحبي السفر ورجال الأعمال وحتى الشباب من محبي القوة والمغامرات... فمرحباً باجيرو دائماً.

 

 

 

 

خاص بموقع فنّات.كوم