كان لافتاً في الآونة الأخيرة تركيز
وسائل الإعلام السورية على ملف تعليق استيراد السيارات السياحية، وباتت التحقيقات والتقارير تركز
وتؤكد ارتفاع سعر السيارات. ولكن المثير للاهتمام أن هذه التغطية الإعلامية
المكثفة غابتْ طوال العام عندما ضرب الركود بقوةٍ سوق السيارات، بل ونشرتْ أرقاماً مغلوطة حول حجم التراجع في المبيعات.
وتنقل جريدة الثورة عن مصادر
المعلومات ـ كما سمتها ـ قيام عددٍ ضئيل من الوكلاء المعروفين قبيل صدور قرار
تعليق الاستيراد باستنفارٍ تام لموظفيهم من أجل إنجاز معاملات أكبر عددٍ من إجازات
الاستيراد للسيارات العائدة لوكالاتهم، لتتم جمركة أكثر من 5 آلاف سيارةٍ سياحية
بمختلف الأحجام والطرازات.
وتتابع الجريدة نقلها عن هذه المصادر،
أن أسعار السيارات ارتفعت بين 100 إلى 200 ألف ليرة للسيارة السياحية التي تصنف
ضمن الفئة حتى 1.6 لتر، بينما وصلت الزيادة إلى أكثر من 500 ألف ليرة للسيارات من
فئة 2 لتر، مضيفةً أن متوسط الزيادة على كل سيارة من الخمسة آلاف سيارة التي جرى
تمريرها يبلغ نحو 250 ألف ليرة، لتتوصل إلى أن تسريب القرار أدى إلى أرباح تقدر
بمليار و250 مليون ليرة لهؤلاء الوكلاء الشطّار!.
وينقل بدوره موقع سيريا ستيبس ـ ذائع
الصيت ـ عما أسماها بمصادر اقتصاديةٍ صناعية وتجارية، أن الحكومة في طور اتخاذ
قرارٍ بطي تعليق منع الاستيراد مع استثناء السيارات التي يستنزف استيرادها الكتلة
الأكبر من القطع.
ويشير موقع الاقتصادي إلى وجود ما
أسماها صفقةً مشبوهة أو فساد على خلفية ارتفاع بعض فئات السيارات بنسبة 40%، أو ما
قيمته 500 ألف ليرة محملاً المسؤولية للجهات الوصائية كدوائر حماية المستهلك في
عدم قدرتها على ضبط الأسعار.
عندما يذهب إعلامنا إلى هذا النوع من
التغطية الإعلامية، يعيد إلى الذاكرة قصة أشعب الذي كذب على قومه ودعاهم إلى
وليمةٍ وهمية ثم مضى خلفهم لكيلا يسبقوه على الطعام!.
نريد أن نعرف من أين يأتي الصحفيون
السوريون بهذه الأرقام والنسب، وهل سألوا الوكالات وتبينوا وجود هذا الارتفاع في
سوق السيارات؟، وكيلا نقع فيما وقعوا فيه نعرض إليكم وصفاً سريعاً لحال سوق
الوكالات الآن، كما حمله إلينا مندوب موقع فنّات في السوق خلال زيارة شاملة جرت
يوم أمس:
ـ وكالة هوندا لا يوجد أي تغيير في
الأسعار.
ـ أغلقت وكالة ميتسوبيشي صالتها في
حرستا.
ـ وكالة بيجو علَّقتْ بيع السيارات في
الفترة الحالية.
ـ لم تعدل وكالة جيلي على أسعارها
مطلقاً.
ـ زادت وكالة كيا سعر طراز كيا سيراتو
بمقدار 40 ألف ليرة، وظلت بقية الطرازات على حالها.
ـ زادت وكالة هيونداي أسعار سياراتها
بنسبة تصل إلى 15%.
ـ أوقفت وكالة رينو البيع في الفترة
الحالية، مع إعلانها عن وجود أسعار جديدة قريباً بزيادة محدودة.
ـ زادت وكالة شيفروليه أسعار السيارات
حوالي 35 ألف ليرة على كل طراز.
- سيتروين زادت 100 ألف على السيارات
الـ 1.6 لتر وما دون، و200 ألف على فوق الـ 1.6 لتر.
ـ أوقفت وكالة غريت وول البيع في صالتها للفترة
الحالية، مع احتمال زيادة أسعار السيارات بنسبة تراوحت 10%.
ـ زادت أسعار السيارات لدى ستروين
بنسبة تصل إلى 15%.
ـ بقيت أسعار سيارات وكالة مازدا على
حالها.
ـ علقت مجموعة كركور أعمالها والتي
تضم أودي وسكودا وسيات فولكس فاغن.
ـ بقيت أسعار وكالة فورد على حالها
دون تغيير.
إن القاعدة الاقتصادية التي تؤكد أن المال
الأكثر خسارةً هو المال الذي لا يستثمر، تبين أن ومهما بلغ مستوى ـ الجشع ـ عند
الوكالات، فإن التجار يفضلون بيع السيارات على تركها في المخازن، والتعرض لاحتمال
هبوط أسعار السيارات على ضوء الأزمة الاقتصادية وإمكانية انكماش جيوب المواطنين،
وتركيزهم على تأمين معيشتهم قبل التنعم بركوب السيارة.
وأخيراً إذا اعترفنا أن السوق السورية
تعيش في أزمةٍ شديدة الوطأة، فإن تعامل إعلامنا مع هذه الأزمة يزيد من ثقلها على
التجار وعلى الزبائن، وكأن بعض الصحفيين لا يريدون لنا ركوب السيارات وطرد هذا
الحلم من رؤوسنا!.
خاص بموقع فنّات.كوم