كان الرقم الصعب في سوق السيارات على
مدى السنوات الأخيرة، وكان الرجل الذي تحكّم بمفاتيح هذه السوق. ولكنه كان أيضاً
التاجر الذي ثارت حوله الأقاويل عن صعوده وعلاقاته وشراكاته، ليخلف إلى جانب ذلك
كله ثقة الزبائن وحسد المنافسين وأقلام الصحفيين. إنه رئيس اتحاد غرف الصناعة
السورية السابق المهندس عماد غريواتي.
لا أحد بوسعه على وجه الدقة تأكيد
الأسباب التي حدت بعماد غريواتي مغادرة البلاد وترك مجموعة ـ أو بالأصح امبراطورية
ـ غريواتي والتي عملت في أهم المفاصل الاقتصادية السورية وأكثرها إدراراً للربح،
من تجارة الكهربائيات وصناعة الكابلات إلى الإعلام، ثم إلى ما يعنينا في موقع
فنّات وهو تجارة السيارات ووكالات كيا وفورد ولاند روفر وجاكوار وغيرها.
من اللافت أن الوكالات التي حصلت
عليها مجموعة غريواتي تنتمي إلى مختلف الشرائح الطبقية، فلا جدال على تصنيف سيارات
كيا في فئة السيارات الشعبية بوجهٍ عام، وتنتمي فورد إلى طبقةٍ أعلى، فيما تُصنف لاند
روفر كسياراتٍ ارستقراطية، وتتفرد جاكوار في أن أصحابها من ذوي الدماء الزرقاء.
ولكن الشهرة والثروة والنجاح كان
بالذات من نصيب كيا وحدها، وترافق نجاح هذه السيارة محلياً مع الصعود المذهل لهذه
الاسم الكوري عالمياً ليتفوق على الجيران اليابانيين والمعلمين الأوروبيين، وشكلت
مبيعات كيا في سورية نصف مبيعات السوق، حتى قيل إن مجموعة غريواتي لا تملك إلا
وكالة كيا، وأنها تخصص جزءاً من أرباحها لخدمة باقي الوكالات وللحفاظ على سمعة
المجموعة، فلا يقال إنها لا تبيع سوى السيارات الشعبية والرخيصة!.
وليس بوسع أحد إنكار الهمة العالية
والنشاط الكبير الذي أبدته المجموعة في إدارة الوكالات سيما مع كيا، بدءاً من
استقدام خبراتٍ أجنبية عالية للعمل في خدمة الزبائن، والاستفادة من شخصياتٍ سورية
محبوبة للعمل مع المجموعة، وإطلاق الفعاليات الاجتماعية والجماهيرية لتحصل الوكالة
على تكريم الشركة الأم لأكثر من مرة.
بيد أن الشكوك بدأت تذر قرونها منذ
أمد، وسرت أقوال حول الطريقة التي حصلت بها المجموعة على توكيل بيع هذا العدد من
الطرازات رغم وجود منافسين أقدم، وعن وجود أسماءٍ كبيرة تشترك مع المجموعة في
الخفاء، وحول التسهيلات العديدة التي حصلت عليها المجموعة خاصةً في موضوع جمركة
السيارات، وأن الوكالة كانت تقدم فواتير وهميةً عند استيراد السيارات تجنباً لدفع
رسومٍ جمركية مرتفعة، ولكن العلاقات النافذة والمعاملة الخاصة التي حظت بها
الوكالة حالت دون ملاحقتها قضائياً، بل أن هنالك من اتهم الوكالة بتسببها بصورة
غير مباشرة في سعي الحكومة لتطبيق برنامج الرقابة على المستوردات بواسطة هذه
الفواتير الوهمية.
لا شك أن المجموعة ستتأثر بغياب عرابها
عماد غريواتي، وسينعكس ذلك على وضع وكالات المجموعة في السوق، ولكننا نعتقد أن
الأخير حسبها بشكلٍ صحيح لأن السوق حالياً بحكم الميتة سريرياً، وسيتطلب إنقاذها
إجراءاتٍ تستغرق سنيناً ولا نعتقد أن الحكومة قادرةٌ على الشروع بها لأنها مشغولة
حالياً بما هو أهم.
خاص بموقع فنّات.كوم