بعد أن نجحت داسيا الرومانية ومن خلفها مالكتها الفرنسية رينو، في إطلاق عائلة جديدة من السيارات الحديثة والمنخفضة التكلفة والسعر "لوغان"، بدءاً من نسخة السيدان التي أبصرت النور في العام 2004 وانتشرت في غضون أعوام قليلة في أسواق عديدة من العالم. عاد التحالف الفرنسي الروماني في العام الماضي ليتوجه بفكره نحو شريحة الشباب، ويكرر تجربته الناجحة عبر سيارة هتشباك جديدة مشتقة من هذه العائلة باسم "سانديرو".

ونظراً للمعالم المميزة التي حملتها السانديرو الجديدة، قررت رينو ضمّها إلى أسطول طرازاتها في أوروبة الغربية لتسويقها هناك بأسعار منافسة جداً لأبناء فئتها، وقامت باستبدال شعار الداسيا بشعارها، كون داسيا لا تتمتع بالشعبية التي تتمتع بها مالكتها في تلك الدول. ومع استقدام وكالة رينو في سورية لهذه السيارة الجديدة تحت اسم رينو أيضاً (كان يفضل لو كانت باسم داسيا!!) أحببنا تسليط الضوء على هذه السيارة من خلال تجربة القيادة التالية...

التصميم الخارجي:

يعتبر تصميم السانديرو أكثر أناقةً وجمالاً من أشقائه، إذ يمتاز عنهم بالشخصية العصرية والخطوط الخارجية الرشيقة والحيوية، فقد تم استيحاء تصميمها من روح داسيا، ولكن حاول المصممون تقديمها بشكل عصري وتحليتها بعناصر جمالية دون بذل الكثير من الجهد أو المجازفة في التصميم، حفاظاً على المبدأ المتبع في تقديم منتج عملي وحديث دون الخوض في غمار النفقات المرتفعة.

من الأمام تاتي سانديرو بمقدمة لطيفة ومحببة تتحلى بالأضواء الكبيرة على شكل شبه بيضوي، وشبك تهوية جديد نافر للأمام مموّج وموحد لدى الشركة، يعلوه خط كرومي عريض ومميز، وصادم كبير وبسيط في شكله يحتوي على أضواء ضباب دائرية من القياس الصغير وشبك تهوية أنيق على شكل فم مفتوح ومقتبس من الرينو. في حين يبرز غطاء المحرك بخطوطه البيضوية الهادئة والمنحدرة نحو الأسفل، متناسقاً جداً مع الشكل العام للمقدمة ولوح الزجاج الأمامي الواسع الذي يوفر أمام السائق مجال رؤية أوفر على الطريق.

 

 

وتنسحب حداثة المقدمة إلى جانب السيارة من خلال الخط المنحني والذي يصل بين الرفراف الأمامي والرفراف الخلفي في منحى جميل، كما تضيف مسكات الأبواب البلاستيكية ذات اللون الفضي اللامع مزيداً من الحركة على الجانب، أما العجلات فهي بتصميمها لا تتماشى بشكل جيد مع الشكل العام، وهي بقياس 15 بوصة.

 

 

مؤخرة السيارة قصيرة للغاية إذ يُخيّل للمرء بأن السيارة لا تحتوي على صندوق أمتعة نظراً لقصر المسافة بين العجلة الخلفية ونهاية بروز الصادم من الخارج، وبانحنائها الشديد وتناقص ارتفاع السقف تدريجياً في الناحية الأخيرة من الجانب، تشبه مؤخرة السانديرو العجوز الهرم.. إلا أنها في الوقت نفسه تعتبر هتشباكية بتميز! ومن أبرز ما تحمل مؤخرة السانديرو، تلك الأضواء المتوضعة على الشمعة الخلفية وتلتف نحو جانب السيارة وتنتهي بزواية حادة في الأسفل وشبه قائمة بالأعلى بشكلها المستطيلي المثلثي. أما غطاء الصندوق فيتمتع بأبعاد جيدة وزاوية فتح ملائمة كذلك الزجاج الخلفي الواسع والعريض أيضاً.

 

 

عموماً تصميم سانديرو الخارجي يليق بفئتها ولا يبتعد أبداً عن الذوق الشبابي، وهو يتشارك بشكل أو بآخر بعض الملامح الرئيسية مع نظيره وشقيقه كليو III من رينو. ويمكننا مدح داسيا ورينو على تصميم السانديرو على الخروج بهذا التصميم والذي يمثل نقلة نوعية لشخصية الشركة.

التصميم الداخلي:

بالانتقال إلى المقصورة الداخلية للسيارة، نلاحظ أولاً سهولة وسلاسة في الدخول، فالأبواب تفتح بزاوية مناسبة وتوضّع المقاعد بشكل مريح يساعد على تسهيل عملية الجلوس أو الخروج من السيارة.

وعلى صعيد التصميم تعتبر مقصورة السانديرو أكثر إشراقاً وأناقةً من شقيقاتها، بفضل تدرج لون البيج المميز وتناسقه بين لوحة القيادة والمقاعد والأبواب، مع إضافة بعض الحركات الفنية بصبغ بعض الأجزاء باللون الفضي الفاتح لمزيد من البريق عليها، بينما استفادت مقصورة سانديرو من التحسينات الأخيرة على شقيقتها السيدان لوغان التي خضعت لتعديلات تجميلية وتطويرية، فحاكتها بتصميمها العام وشكل لوحة قيادتها بنسبة 99% تقريباً، بما في ذلك شكل الكونسول الوسطي ولوحة العدادات وحتى فتحات التكييف والأبواب، بينما اتخذت من الكليو الجديدة ملهماً في تصميم المقود الأنيق بشكل ثلاثي الأذرع.

 

 

 

أيضاً تم الاستفادة من تحسين نوعية البلاستيك المستخدمة في الداخل، بينما تبقى مقابض الأبواب والأزرار الداخلية الضخمة أقل تهذيباً وأناقةً، حيث يحتل كل زر حيّز يتسع لعدة أزرار أخرى أكثر عمليّة منها.

المقاعد مريحة ومرنة الحركة خصوصاً الخلفية التي يمكن طيّها والاستفادة من المساحة التي توفرها للتحميل، والمقصورة رحبة بشكل مثالي وهذه بحد ذاتها نقطة فارقة في السانديرو، فهي مبنية على قاعدة عجلات أقصر من تلك الموجودة في شقيقتها الأكبر لوغان بحوالي 4 سنتميترات فقط، لذلك تعتبر مقصورة سانديرو من الأرحب والأوسع في فئتها وهي تستوعب عائلة من خمسة أفراد بالغين براحة تامة.

 

 

المساحات المخصصة لرؤوس وأرجل الركاب ممتازة! أما صندوق الأمتعة فيتسع لـ 320 لتر من الأمتعة ويعتبر أيضاً من الأكبر في فئته، كما أنه يزيد عن الموجود في الكليو بأكثر من 30 لتراً.

 

 

وبالحديث عن التجهيزات المتوفرة في السانديرو، هناك مكيف فعّال ومسجل CD-MP3 موصول مع مكبرات للصوت عالية النقاوة، وحاملات أكواب ومنافذ طاقة كهربائية، كذلك دارة تحكم كهربائية لفتح وإغلاق النوافذ وتعديل ارتفاع الأضواء الأمامية وتحريك المرايا الجانبية المجهزة أيضاً بنظام تدفئة، فضلاً عن كيسي هواء وأضواء ضباب وقفل مركزي مع جهاز للتحكم عن بعد...

عموماً تعتبر مقصورة سانديرو متكاملة من حيث المضمون، ومشجعة برحابتها وراحة الركوب والحركة ضمنها، بينما كان ينقصها بعض الأناقة والاعتناء في التصميم على غرار الخارج، فالتصميم الذي يعود لحقبة التسعينات ما يزال بعيداً إلى حد ما من قريناتها العصريات.

المحرك وعلبة السرعة:

قامت رينو بتجهيز سانديرو بمحرك مناسب في فئتها بسعة 1.6 لتر ويتكون من أربع أسطوانات و16 صماماً، ويولد قوة مميزة بواقع 112 حصاناً تتأتى عند 5,500 دورة بالدقيقة للمحرك، أما عزمه فيبلغ 15 كغ.م عند 3,000 دورة في الدقيقة.

 

 

ويتسم هذا المحرك بمستوى استهلاك جيد للوقود، إذ تجاوز معدل استهلاكه الوسطي عند تجربتنا للسيارة على طرقات مختلفة بين المدينة والريف حاجز الـ 280 كم/20 لتر تقريباً، أما بالنسبة لأرقام السرعة والتسارع، احتاجت السانديرو إلى أقل من 12 ثا تقريباً للوصول إلى سرعة 100 كم/سا من حالة التوقف، وهذا الرقم مناسب جداً ولكن لا يمكننا اعتماده رسمياً كون تجربتنا للسيارة لم تتم ضمن الشروط القياسية، كذلك السرعة القصوى والتي يمكن تقديرها بحوالي 185 كم/سا تقريباً. وتنتقل قدرة المحرك طبعاً إلى العجلات الأمامية الدافعة عبر علبة سرعات يدوية من 5 سرعات أمامية.

على الطريق:

لدى تجربتنا الفعلية لرينو سانديرو على الطريق، فاجئتنا بحسن أدائها ومرونة التعامل معها على الطرقات المختلفة، إذ كنا صراحةً نتوقع مستواً أقل من ذلك! فالمقصورة مريحة ومجال رؤية الطريق من الداخل أكثر من جيد بفضل المساحات  الزجاجية المناسبة والتي توفر في الوقت نفسه إنارة طبيعية مفيدة تضيف إلى زهو ألوان المقصورة بريقاً آخر.

ويمكننا القول بأن هذه السيارة لديها موهبة خفيّة على الطريق، فالمحرك عملي ومتجاوب بشكل كبير حتى أن قوته تفوق المطلوب منه، ولو أننا لا نخفي صوته المرتفع وضجيجه الزائد ولكن لا يمكننا لومه لوحده في ذلك، فالمقصورة لا تقدم ذلك المستوى الكبير من العزل لصوت المحرك. أما علبة السرعة فكانت متجاوبة إلى قدرٍ كافٍ ومتفاعلة وسلسة أثناء التنقيل بين السرعات المتتالية، ولكنها تعاني في الوقت نفسه من نسب التعشيق الطويلة وبالتالي تكاد تكون أقل شأناً إثناء الإنطلاق السريع.

المقود مرن ومتجاوب جداً أما الفرامل فهي ممتازة.. والثبات على المنعطفات والسرعات العالية أكثر من مدهش ونثني عليه كثيراً، وذلك بفضل أنظمة التعليق المتطورة خصوصاً للخلفي المتعدد الأذرع ونقاط التوصيل كما أن السانديرو تبدي حسن سلوك وتصرف على المطبات والحفر بشكل لا يدفعك للانزعاج منها أبداً.

وختاماً خرجنا من تجربة رينو سانديرو معجبين بها، وتوصلنا إلى قناعة بأنها سيارة هتشباك ناجحة بكل المقاييس وتشهد على نجاح وتطور صانعتها، فهي سيارة أوروبية بروحها وفكرها ومحترمة وتقدم قدراً كافياً من الخدمات، كما أنها جميلة ومريحة وسهلة التنبؤ والتعامل وبالتالي نشجع على تجربتها وامتلاكها. ولكن تبقى مشكلتها الوحيدة في أن سعرها يعتبر مرتفع نسبياً، وكونها تتوفر في سوق (مثل سوقنا المحلية) تطغى عليها السيارات الآسيوية والكورية على وجه الخصوص، وبالتالي ستمثل هذه الفرنسية الرومانية دوماً خياراً ثانوياً لمن يرغب باقتناء سيارة من حجمها ويريد كسب مواصفات إضافية على حساب السعر والتميّز.

 

 

         

 

خاص بموقع فنّات.كوم