كاد
صيف العام 1992 أن
يودع السوريين
كضيف ثقيل
الظل أثقل
كاهلهم
بالحرارة
وازدحام المرور
وصعوبة
الحصول على
وسيلة نقل،
عندما ظهر على
الساحة وافد
جديد احتار
علماء العربية
في تسميته،
وأطلق عليه
الشارع
السوري بالخطأ
مرةً اسم "سرفيس"
ومرة "ميكرو"،
وسمّاها
المتضررون
جرذان بيضاء.
غير أن
هذا الوافد
أياً كان اسمه؛
فرض نفسه
سريعاً وهيمن
على النقل
الداخلي في كل
المدن
السورية
بصورة بعثت
على الشك،
وعطلت مشاريع
شركات النقل
الداخلي
لتحسين واقع
النقل ضمن
المدن،
فانكفأت
باصات الشركة
داخل المرائب ومُنع
استخدام
الباصات
الكبيرة في
المدن وفي البلدات
البعيدة عن
مراكز
المحافظات،
بينما اُستورد
أكثر من خمسين
ألف ميكروباص
وفقاً لقانون
الاستثمار،
تحت تسمية
المركبات
السياحية في
مدةٍ وجيزة
سرعان ما تسرب
سائقو
الميكروباصات
من النقل
العام إلى نقل
موظفي القطاع
العام والخاص
وطلاب
المدارس، بل
وإلى الرحلات
والنزهات
الترفيهية،
ما تسبب في
عودة أزمة
المواصلات
اعتباراً من نهاية
تسعينيات
القرن الماضي.
وبعد
أن نظر
المسؤولون في
قطاع النقل في
الدول
القريبة
والبعيدة، ولاحظوا
أن سورية باتت
الدولة
الوحيدة التي
تستخدم
الميكروباصات
في النقل
العام، وأن من
طبّق هذه
التجربة
قبلنا تراجع
عنها مثل مصر،
دار الزمن
دورته وعادت
الباصات
لتنتقم لنفسها
من الميكروباصات،
والتي بات
عليها أن تبحث
عن منافذ تضمن
بقائها على
قيد الحياة،
وتاه
السائقون على
أعتاب شركات
خاصة منحت حق تشغيل
الباصات
الجديدة، وفي طرقات
الريف البعيد
والذي لا يغني
ولا يسمن من
جوع.
أحد
سائقي الميكروباصات
التي توقف
خطها اعتبر أن
ما يحدث هو تأميم
معاكس، أي منح
إنتاج
الأكثرية
العاملة إلى
الأقلية
المالكة،
ولكن هذا
السائق تغافل
عن حقيقة ملكية
الدولة
للطرقات
العامة
تستثمرها كيف تشاء
ومع من تشاء.
ولا شك
أن
الميكروباصات
عند بدء
استخدامها حلّت
الجزء الأكبر
من معضلة
النقل الداخلي،
لأن الباصات
العامة لم يعد
بوسعها آنذاك
استيعاب تضاعف
عدد الركاب في
دمشق وفي
المدن
السورية
الكبيرة،
والتي تشهد
فوق الزيادة
السكانية
هجرة أبناء
الريف القريب
والبعيد
للعمل والسكن،
ولكن
الميكروباصات
وقعت في نفس
المطب عدا عن
فداحة ضررها
البيئي،
واقتضت
الضرورة
استبدالها
بباصات كبيرة
لتغطية
الزيادة
المستمرة في
الركاب
والسكان عموماً.
وبينما
شهدت
الثلاثينات
دخول "الترامواي"
القطار
الكهربائي
إلى النقل
العام وتضررت
عربات الخيل،
ثم دخلت
الباصات في
النصف الثاني
من الستينات
وأوقفت
الترامواي،
وهيمنت
الميكروباصات
على شوارع
المدن منذ أوائل
التسعينات.
عادت الباصات
للعمل مع
نهاية العقد
الأول من
الألفية
الثالثة،
فيما يجري
الحديث عن
إمكانية
العودة
للترامواي!
ومن يدري أن
تفضي أزمة
الطاقة وغلاء
الوقود إلى
عودة الحناطير!
وبانتظار
نهاية العام
القادم الذي
حددته وزارة
النقل
للانتهاء من
إحلال الباصات على
خطوط النقل
ضمن المدن،
فإن الواقع
وحده سيكشف
نجاح هذه
التجربة واحتمال
استمرارها،
وقد تمتد هذه
التجربة
كمثيلاتها
إلى عقود من
السنين، حتى
نتوقف عن
التجريب في
الركاب والبيئة
وعلى الطرقات!
خاص
بموقع
فنّات.كوم