قدمت جنرال موتورز العملاقة في العام 1990 وخلال
مشاركتها بمعرض لوس أنجلوس الأمريكي، سيارة اختبارية جديدة كلياً اعتبرتها الصحافة
وقتها نقلة نوعية في تاريخ صناعة السيارات الحديث. وتلك السيارة كانت تحمل اسم
"EV1" وهي عبارة عن مركبة تعمل على طاقة الكهرباء
بدلاً من الوقود ولا ينبعث منها أية انبعاثات غازية.
ونظراً للإعجاب الكبير الذي أبداه زوار المعرض والجمهور
الأمريكي بفكرة هذه السيارة، قرر رئيس الشركة وقتها "روجر سميث" تحويل
هذه الاختبارية إلى سيارة تجارية. وانتظرت EV1 حتى العام 1996 لتظهر
في السوق الأمريكية المحلية، وقد اقتصر تسويقها على مدن كاليفورنيا ولوس أنجلوس
وتوسان وأريزونا وفونيكس وبعدها توسعت إلى سان فرانسيسكو وجورجيا وغيرها...
لاقت السيارة EV1 إعجاب العملاء
الأمريكيين على الرغم من قباحة تصميمها واقتصار مقصورتها على مقعدين للركاب، ولكن
بفضل معالمها الثورية من محرك الكهرباء المزود ببطاريات قابلة للشحن وباستطاعات
كهربائية مرضية فضلاً عن تحملها للسير لمسافات جيدة تتجاوز المئة كيلو متر يومياً.
أي أنها كانت بنظر الأمريكيين سيارة اقتصادية، عملية، صديقة للبيئة...
- الجيل الأول من EV1: 1996 –
1999 م
تكلفت جنرال موتورز على تطوير مشروعها القيّم والأول على
مستوى صناعة السيارات العالمية حوالي 10 ملايين دولار أمريكي، وفي يوم 5/12/1996
أعلنت GM عن إطلاقها لـ EV1 متيحةً الفرصة أمام
العملاء المتعطشين للسيارات النظيفة لاقتناء هذه السيارة عن طريق استئجارها ببدل
شهري 640 دولاراً تقريباً، ثم تطور مع الوقت وساهم دخول أنظمة الحوافز الحكومية
إلى تخفيضه ليصل إلى 350 دولاراً شهرياً. في إشارة إلى أن الشركة الأمريكية حاولت
الاحتفاظ لنفسها بالمركبات المتطورة وعدم نشر تقنياتها المبتكرة بهذه البساطة.
تميزت EV1 بأبعادها المدمجة على غرار السيارات التي
اشتهرت بصنعها أمريكا ذات الأبعاد الكبيرة والمحركات الشرهة للوقود، فكانت EV1 مدمجة الأبعاد بقاعدة
عجلات تبلغ 2,512 مم وطول إجمالي 4,310 مم وعرض 1,765 مم وارتفاع 1,283 مم ووزن
1,400 كغ بدون بطاريات، كما تميزت أكثر بهدوئها وعمليتها ووقوفها عند حسن ظن
المستهلك، فهي مزودة بمحرك كهربائي نظيف موصول مع علبة سرعات ذات سرعة وحيدة، وهذا
المحرك باستطاعة 102 كيلو واط أو 137 حصاناً بخارياً متأتية عند 7000 دوة في
الدقيقة، وعزم دوران 15 كغ.م عند 7,000 دورة في الدقيقة، كما تم تزويدها ببطاريات
الرصاص والأسيد الحمضية "Lead-Acid batteries" زهيدة الثمن
ومديدة العمر، والتي ما زالت تستخدم في سيارات محركات الاحتراق الداخلي العادية
لليوم في توليد الطاقة اللازمة لتشغيلها، وكانت تحتاج إلى 16.5 كيلو واط ساعي
لإعادة شحنها وتكفي السيارة للشحنة الواحدة مسافة تتراوح بين 90 كم إلى 120 كم
تقريباً، علماً أن السيارة كانت قابلة للشحن من أي مأخذ كهربائي أو مولد منزلي.
وقد تم إنتاج 660 نسخة من EV1 الجيل الأول، لتعود GM بعد ثلاثة أعوام وتقوم
بإدخال بعض التحسينات الخارجية والداخلية عليها معلنةً ولادة الجيل الثاني أو
المحسّن من EV1.
-
الجيل الثاني من EV1: 1999 –
2003 م
في العام 1999 قامت GM بالكشف عن الجيل
الثاني من EV1 بعد أن أضافت إليها عدة ميزات
وتحسينات منها خفض تكاليف الإنتاج والوزن وتحسين نوعية البطاريات المستخدمة
باستبدال بطاريات الرصاص الحمضية ببطاريات أكثر تطوراً من نوع "NiMH" يستخدم فيها
بدلاً من الرصاص ألواح من معدني النيكل والميتاليك ومن صنع شركة باناسونيك، لتكون
أخف وزناً وأكفء على صعيد تزويد السيارة بالطاقة اللازمة للسير حوالي 120 إلى 160
كم للشحنة الواحدة، حيث يُعتمد عليها حالياً في السيارات الهجينة كتويوتا بريوس
وغيرها، وتحتاج إلى 18.7 كيلو واط ساعي لتنشحن بشكل كامل. وقد أنتجت منها GM نحو 457 وحدة واستمر
ذلك حتى العام 2003 لتتوقف بشكل كامل.
- التراجع عن القيّم وقتل مشروع السيارات الكهربائية:
لم تتحرك جنرال موتورز أو غيرها من الصانعين
الأمريكيين نحو تطوير السيارات الكهربائية أصلاً لولا ضغوط مجلس موارد الهواء في
ولاية كاليفورنيا، الذي فرض على الصانعين المحليين السبعة تطوير التقنيات النظيفة
من أجل المحافظة على البيئة والهواء، مقابل السماح لهم بتسويق طرازاتهم في
الولاية. ولكن بعد أن أقدمت جنرال موتورز على هذه الخطوة الجريئة والجبارة أدركت
بعد حين بأنها غير مربحة كما السيارات العادية وتبادلت نفس الرأي مع شركات النفط
وصناعة مكونات السيارات والصيانة، فالسيارة الكهربائية تلغي الحاجة بشكل كبير
لزيارة ورشات الصيانة واستبدال القطع وتغيير الزيوت، وبالتالي هاجم كل هؤلاء مشروع
السيارة الكهربائية ضاغطين على حكومة كاليفورنيا لتعدل عن قرارها السابق وواعدينها
بتطوير السيارات الهجينة (وقود+ كهرباء) وتقنيات أخرى كمحركات خلايا الوقود
الهيدروجيني وغيرها... وبالتالي أعلنت جنرال موتورز أنها لا تجني من EV1 الأرباح التي توازي
حجم المبالغ التي تتكلفها لإنتاج كل واحدة منها والتي قدرتها بحوالي من 20 إلى 30
ألف دولار منهيةً بذلك آخر بصيص أمل لتطور تلك الصناعة الثورية في العام 2003، حيث
تم استعادة معظم الوحدات وإتلافها وإبقاء بعضها لدى المتاحف والجامعات.
وفي العام 2006 أُنتج فيلم وثائقي بعنوان
"Who Killed
The Electric Car?" أو من قتل السيارة
الكهربائية؟ من تأليف وإخراج كريس باين، وتم عبره تسليط الضوء على سيارة GM "EV1" وما حملته من
معالم ثورية وخدمات كانت ستشكرها عليها البيئة والغلاف الجوي لو استمرت صانعتها
الأنانية بإنتاجها وتطويرها، وأظهر من كان وراء قتلها.
- جنرال موتورز تأسف على EV1 وتعود
للمشروع من جديد: ألف أ
في العام 1997 أطلقت تويوتا اليابانية
سيارتها الهجينة الأولى "بريوس" وقد سخرت منها جنرال موتورز وأمثالها
وقتها، ولكن مع توالي النجاح للبريوس وتحقيقها شعبية عارمة في الولايات المتحدة
وأسواق الدول المتطورة، وتجاوز مبيعاتها المليوني
وحدة مع دخول الجيل
الثالث منها حيز الإنتاج التجاري مؤخراً، ومن جهة ثانية ظهور
معالم الأزمة المالية العالمية العام الماضي 2008، ما دفع المستهلك للبحث عن سيارة
اقتصادية عملية منخفضة الاستهلاك والسعر. ارتأت جنرال موتورز بأنها أخفقت عندما
قتلت EV1 في
مهدها وما كان وراء ذلك سوى أنانيتها وقلة صبرها على مشروعها، فقامت في العام
الماضي بتطوير البديل الجديد لـ EV1 متمثلاً بسيارة هجينة
تدعى "فولت"
على غرار بريوس من تويوتا، ووعدت بتقديمها أمام العملاء مع بداية العام 2010 أسوة
بباقي الصانعين الذين بدأوا بتطويرها وتعلموا من تويوتا درساً في المحافظة على
البئية.
"سيارة فولت... بديلة EV1 القادمة"
خاص بموقع فنّات.كوم