بعد ترقب طويل من قبل الصحافة المتخصصة بصناعة السيارات، وباهتمام غير مسبوق في عالم السيارات، أعلنت مجموعة فيات رسمياً عبر مديرها التنفيذي سيرجيو ماركيوني عن خطتها خلال السنوات الخمسة القادمة مع شريكتها الجديدة كرايسلر الأمريكية (سبق لماركيوني أن قدم خطتها نهاية 2009) التي تستحوذ فيات على 20% منها، وذلك من العام الجاري 2010 وحتى نهاية 2014، وتعتبر هذه الخطة تاريخية لمجموعة فيات التي تعد من أكثر الشركات جلباً للاهتمام، وذلك منذ تأسيسها عبر عائلة أنيللي النبيلة كشركة صناعية عملاقة متكتلة تجمع عدداً واسعاً من النشاطات الصناعية، من سيارات سياحية (سادس صانع على مستوى العالم 2009) وآليات زراعية (ثاني أكبر صانع في العالم 2009) وآليات ثقيلة (ثالث أكبر صانع في العالم 2009) وغيرها من شاحنات وعربات حربية وطائرات وخطوط إنتاج وطباعة وخدمات وأعمال مالية، وحتى على مستوى كرة القدم (نادي جوفنتوس أو السيدة العجوز أحد أقوى الأندية على مستوى العالم)، وهذا ما جعلها كبرى التكتلات الاقتصادية في إيطاليا.

 

 

لكن هذا الحال لن يدوم بعد تاريخ 21 نيسان 2010، إذ وبعد أخذ ورد تقرر تقسيم مجموعة فيات إلى قسمين:

1-     فيات أوتو (Fiat Auto S.P.A): يضم جميع علامات السيارات الإيطالية من فيات إلى ألفا روميو ولانسيا ومازيراتي وحتى فيراري إلى السيارات التجارية من فيات، فضلاً عن كرايسلر ودودج وجيب ورام (علامة جديدة مختصة بالسيارات التجارية أنشأتها فيات من دودج)، بالإضافة إلى مانيتي ماريللي (من كبرى الشركات المتخصصة بصناعة قطع الغيار وأنظمة السيارات) وتكسيد (أكبر صانع لسبك الحديد في العالم) وكوماو (شركة رائدة على مستوى العالم في إنتاج خطوط الإنتاج والروبوتات التي تقوم بتصنيع السيارات) وجزء من FPT (الشركة المتخصصة بإنتاج وتطوير المحركات وعلب السرعة).

2-    فيات اندستريال (Fiat Industrial S.P.A): وتضم CNH المتخصصة بصناعة الآليات الزراعية والثقيلة تحت أسماء مختلفة، كـ Case وNew Holland وKobelco وفيات هيتاشي، كما تضم ايفيكو المتخصصة بصناعة الشاحنات الخفيفة حتى الثقيلة والآليات الحربية وجزء من FPT (الخاص بالمحركات الكبيرة والصناعية والبحرية)، فضلاً عن الأقسام المتخصصة بصناعة الطائرات والسكك الحديدية وغيرها من النشاطات الصناعية البعيدة عن صناعة السيارات.

ويأتي هذا التقسيم ليسمح لمجموعة فيات المتخصصة بالسيارات ببيع وطرح أسهماً جديدة لجلب المزيد من السيولة المالية، الأمر الذي سيسمح لفيات تدريجياً ببسط سيطرتها على كرايسلر، إذ تسعى الإيطالية إلى رفع حصتها من 20% إلى 35% في الأمريكية خلال العامين القادمين.

ماذا تخطط فيات – كرايسلر حتى 2014؟

أعلنت فيات عن خطتها الخمسية حتى نهاية 2014 في تورينو معقل الشركة شمال إيطاليا، وذلك ضمن مؤتمر صحفي كبير، تم خلاله الإعلان عن الخطة وفق الترتيب التالي:

1-    إنتاج 6 مليون سيارة سنوياً لدى المجموعة لضمان بقائها وتواجدها بين كبار صانعي السيارات في العالم.

2-    تقسيم المجموعة كما ذكرنا إلى قسمين، سيارات وصناعي.

3-    التركيز على الأسواق الجديدة الناشئة وفق الترتيب التالي:

·      روسيا: وقعت فيات مؤخراً عقد تعاون مع شركة سوليرس الروسية، وذلك بهدف تصنيع 280 ألف وحدة سنوياً تستهدف الأسواق المحلية والخارجية حتى عام 2014.

·      الصين: وقعت فيات مؤخراً عقد تعاون مع شركة غوانغ زهو، وذلك بهدف تصنيع 300 ألف وحدة سنوياً تستهدف الأسواق المحلية حتى عام 2014.

·      الهند: منذ العام 2007 تعتبر فيات من أقوى شركاء تاتا الهندية، وهي تنتج حالياً أكثر من 21 ألف وحدة سنوياً، وتهدف للوصول إلى 130 ألف وحدة حتى العام 2014.

·      فضلاً عن رفع مبيعاتها في البرازيل (أكبر سوق لفيات في العالم، وتنتج في البرازيل سنوياً أكثر مما تنتج في إيطاليا!)، وتهدف للوصول من 808 ألف وحدة عام 2009 إلى مليون و125 ألف وحدة حتى 2014.

 

"خلال الإعلان عن الخطة تم الكشف عن الصور الأولى لفيات أونو الجديدة التي ستنتج كسيارة عالمية في البرازيل بسعر يقل عن 6,000 يورو"

 

·      تطوير أعمالها في تركيا وبولندا أكبر مصانعها في أوروبا الشرقية، وتفعيل مصنعها الجديد في صربيا (زازتافا سابقاً).

·      ربط أعمالها في كل من البرازيل وأوروبا الشرقية وروسيا والصين مع مركز التطوير والأبحاث في إيطاليا، الذي سيقوم بإدارة أعمال الشركة والتنسيق ما بين الفرع الإيطالي والأمريكي.

 

"طريقة ربط المجموعة والتنسيق بينها"

 

4-    مضاعفة العائد السنوي من 26.3 مليار يورو 2009 إلى 51 مليار يورو 2014.

5-    إعادة إنعاش ألفا روميو من جديد بعد أن كانت مهددة بالانقراض ولانسيا أيضاً، من خلال طرح عددٍ من الطرازات الجديدة بغية رفع الإنتاج السنوي من 101 ألف وحدة 2009 إلى 500 ألف 2014، وتسويق عددٍ من طرازات كرايسلر بأوروبا تحت شعار لانسيا وربط الشركتين معاً بإنتاج شبه موحد لرفع مبيعات لانسيا من 123 ألف وحدة 2009 إلى 300 ألف 2014.

6-    استثمار مبلغ 21 مليار يورو بين 2010 و2014 لإنتاج 34 طرازاً جديداً وتجديد 17 طراز، وفق ترتيب السنوات التالي:

·      2010: إطلاق هتشباك كبيرة من ألفا روميو باسم جوليتا والجيل الثاني من الفان فيات دوبلو بنسخة مغلقة وأخرى سياحية، وتسويق الجيل الجديد من جيب غراند شيروكي، وإحالة عدد كبير من طرازات الشركة إلى التقاعد بعد خدمة طويلة، وهي فيات 600 (استمرت حوالي عقدين من الزمن في الخدمة) وفيات بونتو (منذ 1999) وفيات موليتبلا (منذ 1998) وفيات ألبيا وسيينا وفيات يوليس وفيدرا من لانسيا، وGT و147 من ألفا.

·      2011 إطلاق الجيل الثالث من باندا (سيارة مدينة مدمجة الحجم ومن أكثر السيارات مبيعاً في أوروبا) والجيل الثالث من طراز Y المدمج من لانسيا (أنجح سيارات لانسيا على الإطلاق وإحدى أفخم السيارات في فئتها)، وتجديد شامل لطراز لينيا، وإطلاق SUV جديد انطلاقاً من قاعدة دودج جورني تحت شعار فيات، وتجديد كبيرة كرايسلر 300C والفان العائلية من كرايسلر باسم غراند فويجر بشكل كامل، وستسوق هذه الأخيرة في بعض أسواق أوروبا تحت شعار لانسيا، وتجديد جيب رانغلر وباتريوت وكومباس، وإحالة ألفا روميو بريرا وسبايدر إلى التقاعد.

·      2012: سيشهد هذا العام تجديد إيقونة فيات الشهيرة 500 والنسخة المكشوفة منها باسم 500C والرياضية منها تحت شعار أبارث، كما سيشهد تجديد الفان الصغيرة فيورينو والنسخة السياحية منها كوبو، وسيتم أيضاً إطلاق طراز جديد كلياً من فئة الهتشباك المتوسطة ليحل مكان باليو، وسيتم تصنيعه في مصانع فيات في صربيا وأمريكا الجنوبية، كما سيتم إطلاق فان عائلي جديد كلياً بتصميم مستوحى من 500 وذلك بنسختين 5 ركاب ستسوق في أوروبا وأمريكا ونسخة 7 ركاب للأسواق الأوروبية، كما ستطلق فيات سيدان متوسطة جديدة ستسوق في أوروبة وأمريكا وكندا والمكسيك. وستطلق لانسيا - كرايسلر هتشباك كبيرة جديدة ونسخة ستيشن منها وسيدان متوسطة أيضاً، كما ستوءد المجموعة لانسيا موزا التي حققت نجاحاً طيباً في أوروبا، والأهم يتمثل فعلياً في السيدان الجديدة كلياً جوليا من ألفا روميو مع نسخة ستيشن لأسواق أوروبا وأمريكا عوضاً عن 159، وSUV جديد ولأول مرة من ألفا أيضاً وتجديد الصغيرة المشاغبة مي تو.

·      2013: إذا كان العام 2012 عام عشاق ألفا روميو ولانسيا فإن 2013 هو عام عشاق فيات، مع سيارة جديدة كلياً ومدمجة وبأبعاد صغيرة للمدينة، والجيل الجديد من بونتو ايفو وإحالة غراند بونتو إلى التقاعد، والجيل الجديد أيضاً من فيات برافو، وإطلاق سيدان كبيرة من لانسيا وطراز متداخل الأوجه أيضاً، ونسخة 5 أبواب من ألفا مي تو وسيارة مكشوفة جديدة من ألفا أيضاً، كما سيتم إطلاق SUV مدمج الحجم من جيب وإطلاق جيل جديد لجيب شيروكي.

·      2014: باندا الجديدة ستخضع للتجديد مع كل من الـ SUV على قاعدة دودج جورني لعام 2011 ودوبلو الجديدة أيضاً، كما ستخضع غرند فويجر وY للتجديد أيضاً، وجوليتا من ألفا ستخضع للتعديل والتجديد وستسوق في أمريكا، وسيتم إطلاق SUV كبيرة تحت شعار ألفا روميو لتسوق في أوروبا وأمريكا.

 

"جانب من مخطط الإنتاج"

 

حملت هذه الخطة عدة نقاط يتوجب الوقوف عندها، وهي:

·        تمثلت أكبر المفاجآت (المفرحة) في تجديد الثقة بألفا روميو، من خلال بث الاستثمارات بها من جديد، عبر إعطاء الضوء الأخضر لإنتاج طراز جوليا في إيطاليا ليسُوق في أمريكا وليس العكس كما كان متوقعاً، كما انطبق الأمر نفسه على لانسيا التي ستنتج سيدان كبيرة ستتخذها كرايسلر تحت اسم سبرينغ وليس العكس كما كان متوقعاً.

·        300 ألف وحدة هو الرقم الذي يتوجب على فيات بيعه في أمريكا من إنتاج مصانع إيطاليا، وتم اتخذا هذا القرار بعد حملة انتقادات كبيرة طالت فيات واتهمتها بالتركيز على أعمالها خارج إيطاليا أكثر من داخلها، مما دفع الشركة إلى وضع خطة تقضي برفع الإنتاج من 650 ألف وحدة في إيطاليا فقط 2009 إلى مليون و400 ألف وحدة 2014.

·        التقط العمال في فيات أنفاسهم بعد الإعلان عن عدم اقتطاع جزء من اليد العاملة.

·        قُدم حفيد "الأفوكاتو" جياني أنيللي (حفيد مؤسس فيات ورئيسها من 1966 حتى 1996) من ابنته السيد جون ألكان كرئيس لمجلس إدارة مجموعة فيات - كرايسلر بالكامل خلفاً للسيد لوكا دي مونتيزمولو (رُجح تركه للمنصب بسبب خلافه مع سيرجيو ماركيوني ولنيته الاتجاه إلى العمل السياسي).

·        فيراري ومازيراتي أساطير فيات... كان لهما حضورهما أيضاً، عبر خطة مغزاها طراز جديد كل عام، وفق التالي:

-         2011: خليفة سكاليتي ونسخة مكشوفة من الرائعة الجديدة 458 إيطاليا.

-         2012: خليفة للبطلة 599 والأسطورة إنزو أيضاً.

-         2013: تجديد كاليفورنيا.

-         مازيراتي ستجدد مترفتها كواتروبورته العام القادم وستطلق سيدان كبيرة لمنافسة الفئة الخامسة من بي إم دبليو وE من مرسيدس.

·        FPT: ألفريدو ألتافيلا رئيس فرع فيات لصناعة المحركات وأنظمة نقل الحركة أعلن بدوره عن عزم فرعه على تطوير الجيل الثاني من مالتي أير (نظام خاص بفيات حصلت على براءة اختراع به، يقوم بالتحكم بصمامات المحرك بطريقة إلكترونية كهربائية عوضاً عن الطريقة الميكانيكية التقليدية)، كما أعلن عن عزم شركته نقل هذه التقنية إلى محركات الديزل. وتحدث أيضاً عن نسخة ثانية من علبة السرعات ذات الفاصل الواصل المزدوج (صحن دبرياج) الجديدة TCT، وتتسم العلبة المنتظرة بعدد نسبها البالغ 7 مع قدرتها على نقل عزم أعظمي بواقع 19 كغ.م وستكون حاضرة وتحت تصرف السيارات الهجينة المرتقبة من المجموعة، كما سيتم تعديل TCT بنسخة جديدة تشمل قدرتها على نقل الحركة إلى العجلات الأربعة، وذكر أيضاً تركيز فرعه خلال الخطة الجديدة على بيع المحركات وعلب السرعة إلى بقية الشركات العالمية، أولها طبعاً كرايسلر ومن ثم تأتي فورد وبيجو وسيتروين وجي إم وسوزوكي، ليصل رقم المبيعات إلى 1.6 مليار يورو سنوياً عوضاً عن 300 مليون يورو حالياً، ليمثل ذلك 24% من حجم أعمال FPT.

 

"مخطط يبين كيف انخفضت مدة تطوير الطرازات الجديدة لدى المجموعة من 26 شهراً إلى 15 شهراً"

 

أخيراً، أعلنت المجموعة أيضاً عن خطة لتطوير مصانعها لتصبح الأكثر تطوراً في العالم، وتخفيض مدة تطوير السيارات والمحركات وتقليل عدد القواعد المستخدمة في الإنتاج لدى المجموعة ككل، وبدورنا نحن في فنّات نأمل أن تنجح المجموعة في خطتها، كي لا نضطر لتوديع أسماء كبيرة في المستقبل.

 

خاص بموقع فنّات.كوم